فَإنْ كانَ الوَليُّ ممَّن يُجبَرُ على النِّكاحِ، كالأبِ والجَدِّ مَع البِكرِ؛ فإنَّ له أنْ يُوكِّلَ بإذْنِها وبغيرِ إذْنِها، كما يَجوزُ له تَزويجُها بإذْنِها وبغيرِ إذْنِها، لكنْ هَلْ يَلزَمُه أنْ يُعيِّنَ لِوَكيلِه على الزَّوجِ، أو يَرُدَّه إلى اختِيارِه؟ فيه قَولانِ: أحَدُهما: يَجوزُ أنْ يَرُدَّه إلى اختيارِهِ؛ لأنَّه قَدْ أقامَه بالتَّوكيلِ مَقامَ نَفْسِه، فلَمْ يَلزَمْه التَّعيينُ، كالتَّوكيلِ في الأموالِ، فعلى هذا يَلزَمُه أنْ يَختارَ لها كُفُؤًا، والأوْلَى به إذا أرادَ تَزويجَها بمَن قَدِ اختارَه لها أنْ يَستأذِنَها فيه، وإذْنُها مَعه الصَّمتُ، كَإذْنِها مَع الأبِ؛ فَإنْ زوَّجها به مِنْ غيرِ استِئذانِه صَحَّ النِّكاحُ، كالأبِ إذا زوَّج بغيرِ إذْنٍ، فلَو أنَّ الوَليَّ على هذا القَولِ عيَّن لِوَكيلِه على الزَّوجِ سقَط اختِيارُ الوَكيلِ، ولَم يَكُنْ له تَزويجُها بغيرِ مَنْ عيَّن له عليه، كالوَكيلِ في الشِّراءِ إذا عُيِّنَ على ما يَشتَريه.
والقَولُ الآخَرُ: أنَّ على الوَليِّ أنْ يُعيِّنَ لِوَكيلِه في عَقدِ الوَكالةِ على الزَّوجِ الذي زوَّجها به، ولا يَرُدَّ ذلك إلى خِيارِهِ؛ لأنَّ معنَى الوَليِّ في لُحوقِ عارِها مَعقودٌ في وَكيلِه، فلَمْ يَقُمِ اختِيارُ الوَكيلِ مَقامَ اختِيارِه، وفارَقَ التَّوكيلَ في الأموالِ التي لا يُراعَى في اختِيارِها لُحُوقُ العارِ. فعلى هذا متى زوَّجها الوَكيلُ بكُفءٍ وغيرِ كُفءٍ كانَ النِّكاحُ باطِلًا؛ لِفَسادِ الوَكالةِ، فلَو عُيِّنَ له أنْ يُزوِّجَها بأحَدِ رَجُلَيْنِ نُظر، فإنْ كانَ الوَليُّ قَدِ اختارَهُما ورَدَّ العَقدَ على أحَدِهِما إلى خِيارِ وَكِيلِه جازَ، وإنْ لَم يَكُنْ مِنْ الوَليِّ اختيارٌ، بَلْ رَدَّ ذلك إلى اختِيارِ وَكِيلِه وخِيارِه، ثم الِاعتِبارُ بألَّا يَكونَ لِلوَليِّ خِيارٌ.
وإذا كانَ الوَليُّ ممَّن لا يُجبَرُ على النِّكاحِ فهَل يَلزَمُ استِئذانُها في عَقدِ