للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَذلك تَفرِقةُ زَكاةِ الفِطرِ وزَكاةِ الأموالِ الظَّاهِرةِ، وهي المَواشي والحُبوبُ، فيُعيِّنُ له الأسنانَ مِنْ المَواشي، والوَسقَ مِنْ الحُبوبِ والثِّمارِ، تَوكيلًا شَرعيًّا، أقامَه في ذلك مَقامَ نَفْسِه، ورَضيَ بقَوله وفِعلِه، وسلَّمَ إليه القَدْرَ الواجِبَ في مالِه، وهو كذا وكذا، فقَبَضَه مِنه قَبضًا شَرعيًّا، وصارَ في يَدِه لِيَصرِفَه عنه فيما وكَّله فيه عامِلًا في ذلك كلِّه بتَقْوَى اللَّهِ وطاعَتِه وخَشيَتِه ومُراقَبَتِه في سِرِّه وعَلانِيَتِه، قُبِلَ ذلك مِنه قَبولًا شَرعيًّا ويُكمِلُ.

والقَولُ قَولُ الوَكيلِ في تَفرِقةِ هذه الزَّكَواتِ على مُستَحقِّيها (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: يَصحُّ التَّوكيلُ في دَفعِ الزَّكاةِ، لكنْ يُشترَطُ في الوَكيلِ أنْ يَكونَ ثِقةً، وأن يَكونَ مُسلِمًا على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ.

وفي وَجهٍ يَجوزُ تَوكيلُ الذمِّيِّ في إخراجِها؛ لأنَّه مُناوِلٌ، إذَنْ كما لو استَنابَ ذِميًّا في ذَبحِ أُضحيَّةٍ جازَ، على اختِلافِ الرِّوايَتَيْنِ، وقالَ في الرِّعايةِ، ويَجوزُ تَوكيلُ الذمِّيِّ في إخراجِ الزَّكاةِ إذا نَوَى المُوكِّلُ، وكَفَتْ نِيَّتُه، وإلَّا فلَا، انتَهَى، قالَ المِرداويُّ: قُلتُ: وهو قَوِيٌّ (٢).

ونَصَّ الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على جَوازِ أنْ يَقولَ لِلوَكيلِ: «أخرِجْ زَكاةَ مالي -وبيَّنَها له- مِنْ مالِكَ»؛ لأنَّه اقتِراضٌ مِنْ مالِ الوَكيلِ، وتَوكيلٌ في إخراجِه (٣).


(١) «جواهر العقود» (١/ ١٦٦).
(٢) «الإنصاف» (٣/ ١٩٨)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٢٤).
(٣) «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>