للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه وَجهانِ، ولِلشَّافِعيِّ قَولانِ في البَيعِ، وفي صِحَّةِ الإبراءِ وَجهانِ (١).

وأمَّا الشَّافِعيَّةُ؛ فقالَ الإمامُ النَّوَويُّ : التَّوكيلُ في الإبراءِ يُشترَطُ فيه عِلمُ المُوكِّلِ إذا قُلْنا بالأظهَرِ إنَّه لا يَصحُّ الإبراءُ عن المَجهولِ، كما سبَق في كِتابِ الضَّمانِ.

ولا يُشترَطُ عِلمُ الوَكيلِ على الأصَحِّ، وبِه قطَع القاضي والغَزاليُّ، وفي المُهذَّبِ والتَّهذيبِ اشتِراطُ عِلْمِه بجِنْسِه وقَدْرِه، كما لو قالَ: (بِعْ) بما باعَ به فُلانٌ فَرَسَه؛ فإنَّه يُشترَطُ لصحَّةِ البَيعِ عِلمُ الوَكيلِ دونَ المُوكِّلِ.

ولا يُشترَطُ في الإبراءِ عِلمُ مَنْ عليه الحَقُّ على الصَّحيحِ، والخِلافُ فيه مَبنيٌّ على ما سبَق أنْ الإبراءَ إسقاطٌ أو تَمليكٌ، فإنْ قُلْنا: تَمليكٌ اشتُرِطَ عِلمُه، كالمُتَّهبِ، وإلَّا فلا.

ثم إنْ كانَتْ صِيغَتُه: أُبْرِئُ فُلانًا عن دَيْني، أبرَأَه عن جَميعِه، وإنْ قالَ: عن شَيءٍ مِنه، أبرَأَه عن قَليلٍ مِنه، وإنْ قالَ: عَمَّا شِئتُ، أبرَأَه عَمَّا شاءَ، وأبْقَى شَيئًا.

قُلتُ: قولُه: أبْرَأَه عن قَليلٍ مِنه، يَعني أقَلَّ ما يَنْطَلِقُ عليه اسمُ الشَّيءِ، كذا صرَّح به في التَّتِمَّةِ، وهو واضِحٌ.

ولو قالَ: أُبْرِئُه عن جَميعِه، فأبرَأَ عن بعضِه جازَ، بخِلافِ ما لو باعَ بعضَ ما أمَرَه ببَيْعِه، واللَّهُ أعلَمُ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٥)، و «الكافي» (٢/ ٩٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٥٦)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٤٩).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>