أمَّا إذا وُهِبَ المالُ غيرُ القابِلِ لِلقِسمةِ، تَتِمُّ الهِبةُ بالقَبضِ الواقِعِ بالتَّبَعِ، أي: بالقَبضِ الذي يَحصُلُ ضِمنًا بقَبضِ كلِّ المالِ.
تَقسيمُ القَبضِ الكامِلِ: القَبضُ الكامِلُ على نَوعَيْنِ، كما يلي: النَّوعُ الأوَّلُ: القَبضُ الحَقيقيُّ، وهو كَأخْذِ المَوهوبِ له المالَ المَوهوبَ بيَدِه، أو كحَمْلِ المَوهوبِ له المالَ المَوهوبَ وذَهابِه به.
النَّوعُ الآخَرُ: القَبضُ الحُكميُّ، كالقَبضِ بطَريقِ التَّخليةِ، ومِثَالُه إذا وَهَبَ شَخصٌ لِآخَرَ مالًا مَوجودًا مُحضَرًا في مَجلِسِ الهِبةِ، وصالِحًا لِلقَبضِ في ذلك المَكانِ، وقالَ المَوهوبُ له لِلواهِبِ: قَبَضتُه، أي: أنْ يَقولَ ذلك مَع كَونِه لَم يَقبِضِ المالَ المَوهوبَ. ويُشترَطُ في القَبضِ بطَريقِ التَّخليةِ وُجودُ المالِ المَوهوبِ في مَجلِسِ الهِبةِ على الوَجْهِ المَشروحِ، فعليه إذا وَهَبَ شَخصٌ لِآخَرَ مالًا وسلَّطَه على قَبْضِه حينَما يَجِدُه، فالهِبةُ فاسِدةٌ على رَأْيِ الإمامِ أبي يُوسفَ ﵀، أمَّا عندَ الإمامِ زُفَرَ فالهِبةُ صَحيحةٌ. وتَصحُّ الهِبةُ بالقَبضِ بالنَّوعِ الثَّاني على رَأْيِ الإمامِ مُحمَّدٍ، وهو الرَّأْيُ المُختارُ، أمَّا عندَ الإمامِ أبي يُوسفَ فلا تَتِمُّ الهِبةُ.
إلَّا أنَّ هذا الِاختِلافَ واقِعٌ في الهِبةِ الصَّحيحةِ، أمَّا في الهِبةِ الفاسِدةِ فقَدِ اتَّفَقُوا على أنَّ التَّخليةَ ليسَتْ بقَبْضٍ (١).