وَصورةُ تَوكيلِ الرَّاهِنِ في بَيعِ الرَّهنِ عندَ حُلولِ الدَّيْنِ ودَفْعِه لِلمُرتهَنِ، وأحسَنُ ما يُكتَبُ في ذَيلِ مَسطورِ الدَّينِ بعدَ استِيفاءِ ذِكْرِ الرَّهنِ أنْ يَقولَ -وبعدَ تَمامِ ذلك، ولُزومِه شَرعًا-: وكَّل فُلانٌ الرَّاهِنُ المُسمَّى أعلاه فُلانًا في بَيع الرَّهنِ المَذكورِ عندَ حُلولِه، وبعدَه، بثَمَنِ المِثلِ، وما قارَبَه ممَّن يَرغَبُ في ابتِياعِه، وفي قَبضِ الثَّمَنِ وتَسليمِ المَبيعِ أو في مُقاصَصَةِ المُشتَرِي إنْ كانَ هو المُرتهَنَ بالثَّمَنِ الواقِعِ عليه عندَ عَقدِ البَيعِ إلى نَظيرِه مِنْ الدَّيْنِ المُعيَّنِ أعلاه، وفي المُكاتَبةِ والإشهادِ على الرَّسمِ المُعتادِ تَوكيلًا شَرعيًّا قبلَ ذلك مِنه قَبولًا شَرعيًّا ويُكمِلُ (١).
وقالَ السَّرخَسيُّ: قالَ ﵀: وإذا دفَع الرَّجلُ إلى رَجُلٍ مَتاعًا، فقالَ: بِعْه أوِ ارهَنْ به لي، ففَعلَ، فهو جائِزٌ في قَولِ أبي حَنيفةَ ﵀، سَواءٌ كانَ الرَّهنُ مثلَ الثَّمَنِ أو أقَلَّ، بما لا يَتغابَنُ النَّاسُ فيه؛ لأنَّ الأمرَ بالِارتِهانِ مُطلَقٌ، فيَجري على إطلاقِه ما لَم يَقُمْ دَليلُ التَّقييدِ.
وَعندَهُما لا يَجوزُ إلَّا أنْ يَرتَهِنَ رَهنًا مثلَ الثَّمَنِ، أو أقَلَّ، بما يَتغابَنُ النَّاسُ فيه بِناءً على أصلِهما أنَّ التَّقييدَ يَحصُلُ بدِلالةِ العُرفِ.
ولو باعَه ولَم يَرتَهِنْ به رَهنًا لَم يَجُزِ البَيعُ؛ لأنَّ الآمِرَ قَيَّدَ التَّوكيلَ بما فيه مَنفعةٌ له، وهو الِارتِهانُ بالثَّمَنِ؛ لِيَكونَ حَقُّه مَضمونًا، ولِيَندَفِعَ عنه ضَرَرُ الثَّواءِ عندَ مَوتِ المُشتَرِي مُفلِسًا؛ فإذا باعَه ولَم يَرتَهِنْ به لَم يَحصُلْ مَقصودُه الذي صرَّح به، فلا يَنفُذُ تَصرُّفُه فيه، كما لو قالَ: بِعْه واشتَرِطِ الخِيارَ ثَلاثةَ أيَّامٍ.