للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ أقالَ السَّلَمَ جازَ، ويَكونُ ضامِنًا لِلمُوكِّلِ، مثلَ السَّلَمِ في قَولِ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدٍ -رحمهما الله-.

وإذا عقَد الوَكيلُ عَقدَ السَّلَمِ ثم أمَرَ المُوكِّلَ بأداءِ رَأْسِ المالِ وذهَب الوَكيلُ فقَد بطَل السَّلَمُ، وكَذلك لو كانَ الذي عليه السَّلَمُ وكَّل رَجُلًا بقَبضِ رَأْسِ المالِ، وذهَب عن المَجلِسِ قبلَ أنْ يَقبِضَ وَكيلُه رَأْسَ المالِ، بطَل السَّلَمِ.

وإذا خالَفَ الوَكيلُ بالسَّلَمِ فأسلَمَ في غيرِ ما أمَرَه المُوكِّلُ بالسَّلَمِ فيه، كانَ لِلمُوكِّلِ أنْ يَضمَنَ الوَكيلُ دَراهِمَه، وإنْ شاءَ ضَمِن المُسلَّمُ إليه؛ فَإنْ ضَمِن الوَكيلُ بَقيَ السَّلَمُ صَحيحًا على الوَكيلِ، وإنْ ضَمِن المُسلَّمُ إليه إنْ ضَمِنه وهُما في المَجلِسِ، يَعني الوَكيلَ والمُسلَّمَ إليه، ونقَد الوَكيلَ دَراهِمَ أُخَرَ، فالسَّلَمُ جائِزٌ، وإنْ ضَمِنه بعدَما تَفرَّقا عن المَجلِسِ؛ فإنَّ السَّلَمَ يَبطُلُ.

قالَ: وإذا دُفِعَ إلى رَجُلٍ عَشَرةُ دَراهِمَ لِيُسلِّمَها في طَعامٍ، فناوَلَ الوَكيلُ رَجُلًا، فباعَه، فإنْ أضافَ العَقدَ إلى دَراهِمِ الآمِرِ كانَ العَقدُ لِلآمِرِ، وإنْ أضافَه إلى دَراهِمِ نَفْسِه كانَ عاقِدًا لِنَفْسِه، وإنْ عقَد العَقدَ بعَشَرةٍ مُطلَقةً ثم نَواها لِلآمِرِ فالعَقدُ له، وإنْ نَوَى لِنَفْسِه فالعَقدُ له؛ فَإنْ لَم تَحضُره نِيَّةٌ؛ فَإنْ دفَع دَراهِمَ نَفْسِه فالعَقدُ له، وإنْ دفَع دَراهِمَ الآمِرِ فهو لِلآمِرِ في قَولِ أبي يُوسفَ. وقالَ مُحمَّدٌ: هو عاقِدٌ لِنَفْسِه ما لَم يَنْوِ عندَ العَقدِ أنَّه لِلآمِرِ، وإنْ تَكاذَبَا في النِّيَّةِ فقالَ الآمِرُ نَوَيْتُه لي، وقالَ المَأْمُورُ: نَوَيْتُه لِنَفْسِي، فالطَّعامُ لِلَّذي نقَد دَراهِمَه بالاتِّفاقِ (١).


(١) «المبسوط» للسرخسي (١٢/ ٢٠٢، ٢٠٤)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ١٩٨، ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>