للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له السَّلَمَ، فإنَّه لا يَجوزُ؛ فإنَّ الوَكيلَ يَبيعُ طَعامًا في ذِمَّتِه على أنْ يَكونَ الثَّمَنُ لِغيرِه، وهذا لا يَصحُّ (١).

وقالَ السَّرخَسيُّ : مَنْ وكَّل رَجُلًا لِيُسلِّمَ له دَراهِمَ في كُرِّ حِنطةٍ، فأسلَمَها الوَكيلُ بشُروطِ السَّلَمِ جازَ، والوَكيلُ هو الذي يُطالِبُ بتَسليمِ المُسلَّمِ فيه، عندَ مَحَلِّ الأجَلِ، وهو الذي يُسلِّمُ رَأْسَ المالِ، ثم إنْ كانَ الوَكيلُ نقَد دَراهِمَ المُوكِّلِ أخَذَ المُسلَّمَ فيه ودفَعه إلى المُوكِّلِ، وإنْ كانَ نقَد دَراهِمَ نَفْسِه ولَم يَدفَعْ إليه الذي وكَّله شَيئًا يَرجِعُ بما نقَد على المُوكِّلِ، ولِهذا الوَكيلِ أنْ يَقبِضَ السَّلَمَ؛ فإذا قبَض كانَ له أنْ يَحبِسَه عن الآمِرِ حتى يَستَوفيَ الدَّراهِمَ، فإنْ هَلكَ المَقبوضُ في يَدِه إنْ هَلكَ قبلَ أنْ يَحبِسَه مِنْ المُوكِّلِ يَهلِكُ أمانةً، وإنْ هَلكَ بعدَ الحَبسِ قالَ أبو يُوسفَ: يَهلِكُ هَلاكَ الرَّهنِ.

وقالَ أبو حَنيفةَ ومُحمَّدٌ: يَسقُطُ الدَّينُ، قَلَّتْ قِيمةُ الرَّهنِ أو كَثُرَتْ.

فَإنْ كانَ دفَع رَأْسَ المالِ مِنْ مالِ المُوكِّلِ وأخَذَ بالسَّلَمِ كَفيلًا أو رَهنًا، جازَ؛ فإذا حَلَّ السَّلَمُ فأخَّرَ الوَكيلُ، أو أبرَأَ الذي عليه الطَّعامَ مِنه، أو وَهَبَه له، جازَ، ويَضمَنُ الوَكيلُ لِلمُوكِّلِ، وكذا إنْ أحالَ به على مَليءٍ أو غيرِ مَليءٍ، وأبرَأَ الأوَّلَ، جازَ عليه خاصَّةً، ويَضمَنُ الآمِرُ بطَعامِه، وإنِ اقتَضَى الطَّعامَ أدْوَنَ مِنْ شَرطِه جازَ، ولِلمُوكِّلِ أنْ يَضمَنَه مثلَ طَعامِه، وإنْ تارَكَ الوَكيلُ السَّلَمَ جازَ، ويَضمَنُ الطَّعامَ لِلمُوكِّلِ في قِياسِ قَولِ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدٍ -رحمهما الله-.


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٨٢)، و «اللباب» (١/ ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>