للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدُونِ إذْنِ وَليِّه، فوكَّل في ذلك، مثلَ أنْ يُوكِّلَ عَبدًا في قَبولِ النِّكاحِ بلا إذْنِ سَيِّدِه، أو يُوكِّلَ سَفيهًا مَحجورًا عليه بدُونِ إذْنِ وَليِّه، أو يُوكِّلَ صَبِيًّا مُميِّزًا بدُونِ إذْنِ وَليِّه، فهذا فيه قَولانِ لِلعُلماءِ في مَذهبِ أحمدَ وغيرِه، وإنْ كانَ يَصحُّ مِنه قَبولُ النِّكاحِ بغيرِ إذْنٍ، لكنْ في الصُّورةِ المُعيَّنةِ لا يَجوزُ لِمانِعٍ فيه، مثلَ أنْ يُوكِّلَ في نِكاحِ الأَمَةِ مَنْ لا يَجوزُ له تَزوُّجُها، صَحَّتِ الوَكالةُ.

وأمَّا تَوكيلُ الذِّميِّ في قَبولِ النِّكاحِ له فهو يُشبِهُ تَزويجَ الذِّميِّ ابنَتَه الذِّميَّةِ بمُسلِمٍ، ولو زوَّجها بذِميٍّ جازَ، ولكنْ إذا زوَّجها بمُسلِمٍ ففيها قَولانِ في مَذهبِ أحمدَ وغيرِه، قيلَ: يَجوزُ، وقيلَ: لا يَجوزُ، بَلْ يُوكِّلُ مُسلِمًا، وقيلَ: لا يُزوِّجُها إلَّا الحاكِمُ بإذْنِه، وكَونُه وَليًّا في تَزويجِ المُسلِمِ، مِثلُ كَونِه وَكيلًا في تَزويجِ المُسلِمةِ.

وَمَنْ قالَ: إنَّ ذلك كلَّه جائِزٌ، قالَ: إنَّ المِلْكَ في النِّكاحِ يَحصُلُ لِلزَّوجِ، لا لِلوَكيلِ، باتِّفاقِ العُلماءِ، بخِلافِ المِلْكِ في غيرِه؛ فإنَّ الفُقهاءَ تَنازَعوا في ذلك، فمَذهبُ الشَّافِعيِّ وأحمدَ وغيرِهِما أنَّ حُقوقَ العَقدِ تَتعلَّقُ بالمُوكِّلِ، والمِلْكُ يَحصُلُ له، فلَو وكَّل مُسلِمٌ ذِميًّا في شِراءِ خَمرٍ لَم يَجُزْ، وأبو حَنيفةَ يُخالِفُ في ذلك، وإذا كانَ المِلْكُ يَحصُلُ لِلزَّوجِ، وهو المُوكِّلُ لِلمُسلِمِ، فتَوكيلُ الذِّميِّ بمَنزِلةِ تَوكيلِه في تَزويجِ المَرأةِ بعضَ مَحارِمِها، كَخالِها؛ فإنَّه يَجوزُ تَوكيلُه في قَبولِ نِكاحِها لِلمُوكِّلِ، وإنْ كانَ لا يَجوزُ له تَزوُّجُها. كَذلك الذمِّيُّ إذا وُكِّلَ في نِكاحِ مُسلِمٍ، وإنْ كانَ لا يَجوزُ له تَزويجُ المُسلِمةِ، لكنَّ الأحوَطَ ألَّا يَفعَلَ ذلك؛ لِمَا فيه مِنْ النِّزاعِ، ولأنَّ النِّكاحَ فيه شَوْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>