للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ شُروطِ الوِلايةِ اتِّفاقُ الدِّينَيْنِ، إلَّا في سَيِّدٍ زوَّج أَمَتَه الكافِرةَ لِكافِرٍ؛ فيَصحُّ مُطلَقًا: أي: سَواءٌ أكانَ المُوكِّلُ الكافِرُ كِتابيًّا أم غيرَ كِتابيٍّ، كَعَكسِهِ: أي: كما لا يَصحُّ أنْ يُوكَّل كافِرٌ عن مُسلِمٍ في تَزويجِ ابنَتِه (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: وإنْ وكَّل المُسلِمُ ذِميًّا لِيَقبَلَ له النِّكاحَ على ذِميَّةٍ صَحَّ؛ لأنَّ الذمِّيَّ يَملِكُ قَبولَ نِكاحِها لِنَفْسِه، فصَحَّ تَوكيلُه فيها.

قالَ الماوَرديُّ : فأمَّا الكافِرُ فلا يَجوزُ أنْ يُوكَّل فيما فيه وِلايةٌ على مُسلِمٍ، ولا في نِكاحِ مُسلِمٍ، لا مِنْ جِهةِ الزَّوجِ، ولا مِنْ جِهةِ الزَّوجةِ؛ لأنَّ نِكاحَ المُسلِمِ لا يَنعَقِدُ بكافِرٍ بحالٍ، ولكنْ يَجوزُ أنْ يَكونَ وَكيلًا في نِكاحِ كافِرٍ (٢).

وَقَدْ سُئِلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : عن رَجُلٍ وكَّل ذِميًّا في قَبولِ نِكاحِ امرَأةٍ مُسلِمةٍ، هَلْ يَصحُّ النِّكاحُ؟

الجَوابُ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، هذه المَسألةُ فيها نِزاعٌ؛ فإنَّ الوَكيلَ في قَبولِ النِّكاحِ لا بدَّ أنْ يَكونَ ممَّن يَصحُّ مِنه قَبولُه النِّكاحَ لِنَفْسِه في الجُملةِ، فلَو وكَّل امرَأةً، أو مَجنونًا، أو صَبِيًّا غيرَ مُميِّزٍ لَم يَجُزْ، ولكنْ إذا كانَ الوَكيلُ ممَّن يَصحُّ مِنه قَبولُ النِّكاحِ بإذْنِ وَليِّه، ولا يَصحُّ مِنه القَبولُ


(١) «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٣٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٤).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٠٦)، و «العباب» (٦٨٥)، و «البيان» (٦/ ٤٠٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٥)، و «الأشباه والنظائر» (٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>