للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ العمرانيُّ الشَّافِعيُّ : وإنْ وكَّل المُسلِمُ ذِميًّا في شِراءِ خَمرٍ لَم يَصحَّ، وإذا اشترَى له الذِّميُّ لَم يَصحَّ الشِّراءُ لِلمُسلِمِ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: يَصحُّ ذلك لِلمُسلِمِ.

دَليلُنا أنَّ كلَّ ما لا يَجوزُ أنْ يَعقِدَ عليه المُسلِمُ لِنَفْسِه لا يَجوزُ أنْ يُوكِّلَ فيه الذمِّيَّ، كالعَقدِ على المَجوسِيَّةِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَصحُّ تَوكيلُ المُسلِمِ كافِرًا فيما يَصحُّ تَصرُّفُه فيه، سَواءٌ كانَ ذِميًّا أو مُستأمَنًا أو حَربيًّا أو مُرتَدًّا؛ لأنَّ العَدالةَ لا تُشترَطُ في صِحَّةِ الوَكالةِ، فكَذلك الدِّينُ، كالبَيعِ (٢).

وذهَب الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنَّه يَجوزُ لِلمُسلِمِ أنْ يُوكِّلَ الذِّميَّ في بَيعِ الخَمرِ والخِنزيرِ؛ لأنَّ الشَّرطَ أنْ يَكونَ التَّوكيلُ حاصِلًا بما يَملِكُه الوَكيلُ، فأمَّا كَونُ المُوكِّلِ مالِكًا له فليسَ بشَرطٍ، فيَجوزُ عندَه تَوكيلُ المُسلِمِ الذِّميَّ في بَيعِ الخَمرِ أو شِرائِها.

قالَ البابَرتيُّ في «العِنايةِ»: قالَ: وإذا أمَرَ المُسلِمُِ نَصرانيًّا ببَيعِ خَمرٍ أو شِرائِها، ففَعلَ، جازَ عندَ أبي حَنيفةَ، خِلافًا لهما، وحُكمُ التَّوكيلِ


(١) «البيان» (٦/ ٤٠٥)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٦/ ٤٨).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>