للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المَوصِلِيُّ الحَنَفيُّ : وعِبارةُ النِّساءِ مُعتبَرةٌ في النِّكاحِ، حتى لو زوَّجتِ الحُرَّةُ العاقِلةُ البالِغةُ نَفْسَها جازَ، وكَذلك لو زوَّجتْ غيرَها بالوِلايةِ أو الوَكالةِ؛ وكذا إذا وكَّلتْ غيرَها في تَزويجِها، أو زوَّجها غيرُها فأجازَتْ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ وزُفَرَ والحَسَنِ، وهو ظاهِرُ الرِّوايةِ عندَ أبي يُوسفَ.

وقالَ مُحمَّدٌ: لا يَجوزُ إلَّا بإجازةِ الوَليِّ، فإنْ ماتَا قبلَها لا يَتوارَثانِ، ولا يَقَعُ طَلاقُه، ولا ظِهارُه، ووَطؤُه حَرامٌ، فإنِ امتَنَعَ الوَليُّ مِنْ الإجازةِ ذكَر الطَّحاويُّ عن مُحمَّدٍ: يُجَدِّدُ القاضي العَقدَ بينَهما. وذكَر هِشامٌ عن مُحمَّدٍ: فَإنْ لَم يُجِزْه الوَليُّ أُجيزُه أنا، وكانَ يَومَئِذٍ قاضيًا، فصارَ عنه رِوايَتانِ. ورُوِيَ عنه أنَّه رجَع إلى قَولِ أبي حَنيفةَ قبلَ مَوتِه بسَبعةِ أيَّامٍ. وحَكَى الفَقيهُ أبو جَعفَرٍ الهِندُوانيُّ أنَّ امرَأةً جاءَتْ إلى مُحمَّدٍ قبلَ مَوتِه بثَلاثةِ أيَّامٍ، وقالَتْ: إنَّ لي وَليًّا وهو لا يُزوِّجُني إلَّا بعدَ أنْ يَأخُذَ مِنِّي مالًا كَثيرًا، فقالَ لها مُحمَّدٌ: اذهَبي فزوِّجي نَفْسَكِ، وهذا يُؤيِّدُ ما رُوِيَ مِنْ رُجوعِه. وعَن أبي يُوسفَ في غيرِ رِوايةِ الأُصولِ مِثلُ قَولِ مُحمَّدٍ الأوَل. وفي رِوايةٍ: إنْ زوَّجتْ نَفْسَها مِنْ كُفْءٍ لا يَتوقَّفُ، وإنْ كانَ مِنْ غيرِ كُفْءٍ يَتوقَّفُ على إجازةِ الوَليِّ (١).

وَمَنْ قالَ: «لا يَجوزُ لِلمَرأةِ أنْ تُزوِّجَ نَفْسَها» -وهُم الجُمهورُ، المالِكيَّةُ على خِلافٍ عندَهم، والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ، وأبو يُوسفَ في


(١) «الاختيار» (٣/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>