لأنَّه لا يَملِكُه بنَفْسِه، ولا يَصحُّ أنْ يُوكِّلَ فيه غيرَه.
مثلًا لو وكَّل الصَّبيُّ المُميِّزُ آخَرَ بهِبةِ مالٍ له مَعلومٍ له لِآخَرَ وتَسليمِه إيَّاه، لا يَصحُّ، سَواءٌ أكانَ ذلك الصَّبِيُّ مَأْذونًا أم لَم يَكُنْ مَأْذونًا؛ لأنَّ الصَّبِيَّ لا يَقتَدِرُ بالذَّاتِ على هِبَتِه، كما أنَّه لا تُعتبَرُ إجازةُ الوَليِّ لِتَصرُّفاتِ الصَّغيرِ التي هي مِنْ هذا القَبيلِ، كَذلك لا تُعتبَرُ إجازةُ وَليِّه لِلتَّوكيلِ الذي يَقَعُ مِنْ الصَّبِيِّ المُميِّزِ بإجراءِ هذه التَّصرُّفاتِ.
الحالةُ الثَّالثةُ: التَّوكيلُ في التَّصرُّفاتِ الدَّائِرةِ بينَ النَّفْعِ والضَّرَرِ، كالبَيعِ والإجارةِ وغيرِهما مِنْ سائِرِ المُعامَلاتِ التي تَربَحُ مَرَّةً وتَخسَرُ أُخرَى؛ فَإنْ لَم يَكُنْ مَأْذونًا له في التِّجارةِ ولَم يَأذَنْ فيه الوَليُّ فلا يَصحُّ له التَّوكيلُ فيها اتِّفاقًا، وإنْ كانَ مَأْذونًا له في التِّجارةِ فقَدِ اختَلفَ الفُقهاءُ فيه:
فَذهَب الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه إنْ كانَ مَأْذونًا له في التِّجارةِ يَصحُّ مِنه التَّوكيلُ بها؛ لأنَّه يَملِكُه بنَفْسِه، وإنْ كانَ مَحجورًا يَنعَقِدُ مَوقوفًا على إجازةِ وَليِّه، وعلى إذْنِ وَليِّه بالتِّجارةِ أيضًا، كما إذا فَعلَ بنَفْسِهِ؛ لأنَّ في انعِقادِه فائِدةً لِوُجودِ المُجيزِ لِلحالِ، وهو الوَليُّ.