للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ حُلولِ الأجَلِ، هَلْ تَكونُ الوَكالةُ المَكتوبةُ لَازِمةً ولا يَنعزِلُ بالعَزلِ؟

الجَوابُ: نَعم، تَكونُ الوَكالةُ لَازِمةً، ولا تَبطُلُ بالعَزلِ حَقيقيًّا كان أو حُكميًّا، والمَسألةُ في التَّنويرِ مِنْ بابِ عَزلِ الوَكيلِ (١).

وقالَ الكاسانيُّ : واختَلفَ المَشايِخُ فيمَن وكَّل رَجُلًا بطَلاقِ امرَأتِه إنْ غابَ، ثم عزَله الزَّوجُ مِنْ غيرِ حَضرةِ المَرأةِ ثم غابَ.

قالَ بعضُهم: لا يَصحُّ عَزلُه؛ لأنَّه تَعلَّق بهذه الوَكالةِ حَقُّ المَرأةِ، فأشبَه الوَكيلَ بالخُصومةِ.

وقالَ بعضُهم: يَصحُّ عَزلُهُ؛ لأنَّه غيرُ مَجبورٍ على الطَّلاقِ، ولا على التَّوكيلِ به، وإنَّما فِعلُه باختيارِه، فيَملِكُ عَزلَه، كما في سائِرِ الوَكالاتِ (٢).

وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا في «أسهَلِ المَدارِكِ»: إذا وكَّل الرَّاهِنُ المُرتهَنَ في بَيعِ الرَّهنِ، فهي وَكالةٌ صَحيحةٌ، وليسَ لِلرَّاهِنِ عَزلُ وَكيلِه الذي هو المُرتهَنُ؛ لِتَعلُّقِ الحَقِّ في هذه الوَكالةِ. قالَ العَلَّامةُ العَدَويُّ في حاشِيَتِه على الخَرشِيِّ: ثم إنَّ المُرتهَنَ إذا وُكِّلَ على البَيعِ فليسَ لِلرَّاهِنِ عَزلُه، كالأمِينِ اه. ونقَل المَوَّاقُ عن ابنِ رُشدٍ أنَّه قالَ: لو أطاعَ الرَّاهِنُ المُرتهَنَ بعدَ البَيعِ وقبلَ حُلولِ الأجَلِ بالبَيعِ دونَ مُؤامَرةِ سُلطانٍ، جازَ اتِّفاقًا؛ لأنَّه مَعروفٌ مِنه، ولو شرَط المُرتهَنُ على الرَّاهِنِ في عَقدِ البَيعِ أنَّه مُوَكَّلٌ على بَيعِه دونَ مُؤامَرةِ سُلطانٍ، فقيلَ: إنَّ ذلك جائِزٌ لَازِمٌ، وقالَه القاضي إسماعيلُ


(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٤/ ٢٩٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>