العَقدَ على شَرطٍ، وإنَّما علَّق التَصرُّفَ على شَرطٍ، فلَمْ يَمنَعْ صِحَّةَ العَقدِ، وإنَّما جعَل رَأْسَ الشَّهرِ مَحَلًّا لِوَقتِ البَيعِ، ولكنْ لا يَبيعُه إلَّا إذا حصَل الشَّرطُ، ويَكونُ وَكيلًا إذا حَلَّ الأجَلُ، فما بعدَه، ولا يَكونُ وَكيلًا قبلَه.
والآخَرُ: تَعليقُ الوَكالةِ على شَرطٍ، بأنْ يَقولَ: إذا قدِم زَيدٌ أو جاءَ رَأْسُ الشَّهرِ أو قدِم الحاجُّ فقَد وَكَّلتُكَ في بَيعِ بَيْتِي، أو أنتَ وَكيلي، أو إذا طَلبَ مِنْكَ أهلي شَيءٌ فادْفَعْه إليهم.
فاختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تَعليقِ هذه الوَكالةِ هَلْ تَصحُّ أو لا؟
فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ تَعليقُ الوَكالةِ على شَرطٍ صَحيحٍ، كَأنْ يَقولَ: إنْ قدِم زَيدٌ فأنتَ وَكيلي في بَيعِ بَيْتِي، وإذا جاءَ الشِّتاءُ فاشتَرِ لَنا فَحمًا، وإذا جاءَ الأضحَى فاشتَرِ لَنا أُضحيةً، وإذا طَلبَ مِنْكَ أهلي شَيئًا فادفَعْه إليهم، وإذا دخَل رَمَضانُ فقَد وَكَّلتُكَ في هذا، أو: فأنتَ وَكيلي؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«إنْ قُتِلَ زَيدٌ فجَعفَرٌ، وإنْ قُتِلَ جَعفَرٌ فعَبدُ اللَّهِ بنُ رَواحةَ»(١)، وهذا في مَعناه، ولأنَّه عَقدٌ اعتُبِرَ في حَقِّ الوَكيلِ حُكمُه، وهو إباحةُ التَصرُّفِ وصِحَّتُه، فكانَ صَحيحًا، كما لو قالَ: أنتَ وَكيلي في بَيعِ عَبدِي، إذا قدِم الحاجُّ، ولأنَّه لو قالَ: وَكَّلتُكَ في شِراءِ كذا في وَقتِ كذا، صَحَّ بلا خِلافٍ، ومَحَلُّ النِّزاعِ في مَعناه، ولأنَّه إذْنٌ في التَصرُّفِ أشبَهَ الوَصيَّةَ والتَّأْميرَ، ولأنَّه عَقدٌ يَصحُّ بغيرِ جُعْلٍ، ولا يَختَصُّ فاعِلُه بكَونِه مِنْ أهلِ القُربةِ.