وَكَأنَّ الشَّرطَ أنْ يَكونَ المُوكَّلُ فيه مَعلومًا، أو كانَ يَسهُلُ عِلمُه.
ولو قالَ: بِعْ ما شِئتَ مِنْ مالي أوِ اقبِضْ ما شِئتَ مِنْ دُيوني، جازَ، ذَكَراه في المُهذَّبِ والتَّهذيبِ.
وفي الحِليةِ ما يُخالِفُهُ؛ فإنَّه قالَ: لو قالَ: بِعْ مَنْ رَأيتَ مِنْ عَبيدي، لَم يَصحَّ، حتى يُميِّزَ.
قُلتُ: هذا المَذكورُ عن المُهذَّبِ هو الصَّحيحُ المَعروفُ.
قالَ في «التَّهذيبُ»: ولا يَجوزُ أنْ يَبيعَ الكلَّ، إلَّا أنْ يَقبِضَ الكلَّ.
وأمَّا قَولُ صاحِبِ الحِليةِ ففي البَيانِ أيضًا عن ابنِ الصَّبَّاغِ نَحوُه؛ فإنَّه قالَ: لو قالَ: بِعْ ما تَراه مِنْ مالي، لَم يَجُزْ، ولو قالَ: ما تَراه مِنْ عَبيدي، جازَ، وكِلَاهُما شاذٌّ ضَعيفٌ.
وهذا النَّقلُ عن الحِليةِ إنْ كانَ المُرادُ به الحِليةَ لِلرُّويانيِّ، فغَلَطٌ؛ فإنَّ الذي في حِليةِ الرُّويانيِّ: لو قالَ: بِعْ مِنْ عَبيدي هَؤُلاءِ الثَّلاثةِ مَنْ رَأيتَ، جازَ ولا يَبيعُ الجَميعَ؛ لأنَّ (مِنْ) لِلتَّبعيضِ، ولو وكَّله أنْ يُزوِّجَه مَنْ شاءَ جازَ، ذكَره القاضي أبو حامِدٍ، وهذا لَفظُ الرُّويانيِّ في الحِليةِ بحُروفِه.
وَقَدْ صرَّح إمامُ الحَرمَيْنِ والغَزاليُّ في «البَسيطِ» بأنَّه إذا قالَ: بِعْ مَنْ شِئتَ مِنْ عَبيدِي، لا يَبيعُ جَميعَهم؛ لأنَّ (مِنْ) لِلتَّبعيضِ.
فَلَو باعَهم إلَّا واحِدًا جازَ، قالَ أصحابُنا: لو قالَ: بِعْ هذا العَبدَ أو هذا، لَم يَصحَّ. ولو وكَّله لِيَهَبَ مِنْ مالِه ما يَرَى قالَ في «الحاوي»: لا يَصحُّ، وقِياسُ ما سبَق أنَّه يَصحُّ، واللَّهُ أعلَمُ.