للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على يَدَيه مرَّتينِ أو ثَلاثًا، وذلك أنَّهم كانوا يَتغوَّطونَ ويَتبوَّلونَ ولا يَستَنجونَ بالماءِ، وربَّما كانَت أيديهم تُصيبُ المَوضعَ النَّجسَ فتُنجَّسُ، فإذا كانَت الطَّهارةُ تَحصلُ بهذا العَددِ من البَولِ أو الغائِطِ وهُما أغلَظُ النَّجاساتِ كانَ أَولى وأحرى أنْ يَحصلَ بما دونَهما من النَّجاساتِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى طَهارةِ لُعابِ الكَلبِ، وكذا عَرقُه ودَمعُه ومُخاطُه وسُؤرُه، ويَدلُّ على طَهارةِ سُؤرِه قَولُه تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤]، ولم يأمُرْ بغَسلِ مَوضعِ الإصابةِ، ولو كانَ نَجسًا لأفسَدَ ما صادَه بفَمِه، ولحَديثِ عَديِّ بنِ حاتِمٍ قالَ: سألتُ النَّبيَّ فقالَ: «إذا أرسَلتَ كَلبَك المُعلَّمَ فقتَلَ فكُلْ» (٢)، ولمَّا ورَدَ الشَّرعُ بإِباحتِه، ولأنَّه سُؤرُ حَيوانٍ كالشاةِ، ومَحلُّ كَونِ اللُّعابِ طاهِرًا إنْ كانَ من غيرِ المَعدةِ، أمَّا الخارِجُ من المَعدةِ فنَجسٌ وعَلامتُه أنْ يَكونَ أصفَرَ مُنتِنًا.

ويُغسلُ الإناءُ من وُلوغِه سَبعَ مَراتٍ تَعبُّدًا؛ لأنَّه غَسلٌ أُمرَ به مُقيدًا بعَددٍ، فدَلَّ على أنَّه للعِبادةِ دونَ النَّجاسةِ كالوُضوءِ، ولأنَّ للتُّرابِ مَدخلًا فيه، وكلُّ مَعنًى أُمرَ فيه بالماءِ وحصَلَ للتُّرابِ مَدخلٌ فيه؛ فإنَّه للعِبادةِ لا للنَّجاسةِ؛ كطَهارةِ الحَدثِ.


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (١/ ١١٧، ١١٨)، و «شرح معاني الآثار» (١/ ٢٣)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٨٧)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٣٢)، و «البناية شرح الهداية» (١/ ١٨٤)، و «عمدة القاري» (٣/ ١٨)، والعناية» (١/ ١٦٠).
(٢) رواه البخاري (١٧٣)، ومسلم (١٩٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>