مَكانَه في اقتِضاءِ ما كانَ قامَ عليه فيه، وأشرَفَ على اقتِضائِه مِنه، دونَ خِلافٍ، كما أنَّه لو كانَ الجُعلُ في غيرِ اقتِضاءِ الدُّيونِ، مثلَ أنْ يَجعَلَ له جُعلًا في طَلَبِ آبِقٍ، أو في حَفرِ بِئرٍ، فماتَ الجاعِلُ بعدَ أنْ حَفَرَ المَجعولُ له بعضَ البِئرِ، أو خرَج في طَلَبِ الآبِقِ؛ لَلَزِمَ ذلك وَرثَتَه، ولَم يَقَعْ في ذلك خِلافٌ.
ولو كانَ الجُعلُ في مِثلِ الحَصادِ، واللَّقْطِ، بأنْ يَقولَ له: ما حَصَدتَ مِنْ زَرعي هذا، أو لَقَطتَ مِنْ زَيتُوني هذا، فلكَ نِصفُه، أو ثُلُثُه، فماتَ الجاعِلُ بعدَ أنْ حَصَدَ بعضَ الزَّرعِ، أو لَقَطَ بعضَ الزَّيتونِ، لَم يَكُنْ لِلمَجعولِ له التَّمادي على الحَصادِ، ولا على اللَّقْطِ دونَ رِضا وَرثةِ الجاعِلِ بلا خِلافٍ؛ لأنَّ ما حَصَدَ أو لَقَطَ قَدْ وجَب له حَقُّه فيه، وما لَم يَحصُدْ ولَم يَلقُطْ فليسَ له فيه عَمَلٌ يَذهبُ بخُروجِه، فقِفْ على افتِراقِ أحكامِ هذه المَسائِلِ الثَّلاثِ لِافتِراقِ مَعانيها، والجُعلُ على الِاقتِضاءِ يَكونُ لِوَرثةِ الجاعِلِ فيه أنْ يَمنَعوا المَجعولَ له مِنْ التَّمادي على الِاقتِضاءِ في الِاستِحسانِ، دونَ القِياسِ. والجُعلُ على الحَفرِ وطَلَبِ الآبِقِ وشِبْهِه ليسَ لهم فيه أنْ يَمنَعوه مِنْ التَّمادي على الحَفرِ والطَّلَبِ في استِحسانٍ، ولا قِياسَ. والجُعلُ على الحَصادِ واللَّقْطِ وشِبْهِهما لهم أنْ يَمنَعوه مِنْ التَّمادي على الحَصادِ واللَّقْطِ في الِاستِحسانِ والقِياسِ.
وَقولُه -إنَّ الجُعلَ على الِاقتِضاءِ لا يَنفَسِخُ بمَوتِ الذي عليه الدَّيْنُ، ولا بتَفليسِه- صَحيحٌ، لا وَجْهَ لِلقَولِ فيه، واللَّهُ المُوَفِّقُ (١).
(١) «البيان والتحصيل» (٨/ ٥٠٥، ٥٠٨)، و «الذخيرة» (٦/ ١١٣)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٩٨).