للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَملُ، وعَظُمَتْ فيه المَشقَّةُ، ممَّا لَم يَظهَرْ له قبلَ الشُّروعِ في العَملِ، فكانَ له أنْ يَترُكَ متى شاءَ.

لكنْ إنْ فسَخها العامِلُ بعدَ شُروعِه في العَملِ قبلَ تَمامِ العَملِ لَم يَستحقَّ لِمَا عمِله شَيئًا؛ لأنَّه فَوَّتَ على نَفْسِه، حيثُ لَم يَأتِ بما شُرِطَ عليه، ويَصيرُ كَعامِلِ المُضارَبةِ إذا فسَخ قبلَ ظُهورِ الرِّبحِ.

وأمَّا إنْ كانَ الفَسخُ مِنْ جِهةِ الجاعِلِ فلا يَخلو مِنْ حالاتٍ ثَلاثٍ:

الحالةُ الأُولَى: أنْ يَفسَخَها الجاعِلُ قبلَ شُروعِ العامِلِ؛ فلا يَلزَمَه شَيءٌ، عندَ الجُمهورِ، كما تَقدَّم؛ لأنَّ العامِلَ لَم يَعمَلْ شَيئًا.

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ يَفسَخَها الجاعِلُ بعدَ تَمامِ العَملِ، فلا يَسقُطَ عنه ما بذَله مِنْ الجُعلِ؛ لأنَّه قَدِ استَقَرَّ بالعَملِ باتِّفاقٍ.

الحالةُ الثَّالثةُ: أنْ يَفسَخَها الجاعِلُ بعدَ شُروعِ العامِلِ في العَملِ وقبلَ تَمامِ العَملِ، فاختَلفَ الفُقهاءُ فيه:

فَذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الجَعالةَ جائِزةٌ بعدَ الشُّروعِ في العَملِ، كما هي جائِزةٌ قبلَ الشُّروعِ، فلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما فَسخُها.

لكنْ إنْ فسَخها الجاعِلُ بعدَ شُروعِ العامِلِ فيه، وقبلَ تَمامِه، فعليه لِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِ عَملِه عندَ الحَنابِلةِ والشَّافِعيَّةِ في الأصَحِّ؛ لأنَّه عمِل بعِوَضٍ، ولَم يُسلَّمْ له، فكانَ له أُجرةُ عَملِه، ولأنَّ جَوازَ العَقدِ يَقتَضي التَّسليطَ على رَفعِه، وإذا ارتَفَعَ لَم يَجِبِ المُسمَّى، كَسائِرِ الفُسوخِ، لكنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>