للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: إذا قالَ الأميرُ في الغَزوِ: مَنْ جاءَ بعَشَرةِ رُؤُوسٍ فله رَأْسٌ، جازَ، وقالوا: إذا جعَل جُعلًا لمَن يَدُلُّه على قَلعَةٍ أو طَريقٍ سَهلٍ، وكانَ الجُعلُ مِنْ مالِ الكُفَّارِ، جازَ أنْ يَكونَ مَجهولًا، كَجاريةٍ يُعيِّنُها العامِلُ، فتُخَرَّج ههُنا مثلَه، فأمَّا إنْ كانَتِ الجَهالةُ تَمنَعُ التَّسليمَ، لَم تَصِحَّ الجَعالةُ وَجهًا واحِدًا (١)، وهو أيضًا قَولٌ لِلشَّافِعيةِ، حَكاه عُمَيرةُ في حاشِيَتِه (٢).

قالَ المالِكيَّةُ: يُشترَطُ في الجُعلِ أنْ يَكونَ مَعلومًا، فلا يَصحُّ بالمَجهولِ؛ لأنَّ الجَعالةَ كالإجارةِ، والجُعلَ كالأُجرةِ.

قالَ أبو الوَليدِ ابنُ رُشدٍ القُرطُبيُّ : مَسألةٌ: قُلتُ: فرَجُلٌ قالَ لِرَجُلٍ: صِحْ على هذه السِّلعةِ، فإنْ بِعتَها بعَشَرةِ دَنانيرَ، فلكَ مِنْ كلِّ دِينارٍ سُدُسُه. قالَ: هذا حَلالٌ، لا بَأْسَ بهِ؛ لأنَّه قالَ له: إنْ بِعتَ هذه السِّلعةَ بعَشَرةِ دَنانيرَ فلكَ دِينارٌ وثُلُثانِ. قُلتُ: فإنْ باعَها بأكثَرَ مِنْ عَشَرةٍ؟ قالَ: فليسَ له إلَّا الدِّينارُ والثُّلُثانِ، الجُعلُ الذي جُعِلَ له أوَّلًا، وإنْ باعَها بعِشرينَ. قُلتُ: أفَيَجُوزُ له أنْ يَقولَ: بِعْ وصِحْ على هذه السِّلعةِ، فما بِعتَها به مِنْ دِينارٍ، فلكَ مِنْ كلِّ دِينارٍ سُدُسُه، ولَم يُوَقِّتْ له ثَمَنًا؟ قالَ: هذا حَرامٌ لا خَيرَ فيه.

قالَ مُحمَّدُ بنُ رُشدٍ: هذا بيِّن على ما قالَ؛ لأنَّ مِنْ شُروطِ صِحَّةِ الجُعلِ أنْ يَكونَ الجُعلُ مَعلومًا؛ فإذا كانَ الجُعلُ ثابِتًا لا يَزيدُ بزِيادةِ الثَّمَنِ، ولا


(١) «المغني» (٦/ ٢٠).
(٢) «حاشية عميرة على كنز الراغبين» (٣/ ٣٢٢) قال: وهي كالإجارة إلا في أمورٍ: … وسادس: وهو جهل العوض.

<<  <  ج: ص:  >  >>