للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عَرفةَ : لا يُشترَطُ فيهِ -أي: الجُعلِ- عِلمُ مُتعسِّرِه، بخِلافِ مُتيسِّرِه؛ إذْ كلُّ المَذهبِ جَوازُه على الآبِقِ، مَع جَهلِهما ناحيتَيْه، بخِلافِه على استِخراجِ الماءِ مِنْ الأرضِ؛ ففي «المَعونةِ»: يَجوزُ بعدَ مَعرِفةِ بُعدِ ماءِ الأرضِ وقُربِه وشِدَّتِها ولِينِها، فإنْ لَم يَعرِفْ فلا يَجوزُ؛ لأنَّه لا تَدْعُو ضَرورةٌ إليه، وهو نَصُّ نَقْلِ ابنِ فَتُّوحٍ عن المَذهبِ.

وَقَولُ «المُقدِماتِ»: ليسَ مِنْ شَرطِه كَونُ العَملِ مَعلومًا، بَلْ يَجوزُ فيه المَجهولُ، ظاهِرُه عَدمُ شَرطِ خِبرةِ الأرضِ، وهو ظاهِرٌ (١).

وقالَ الدُّسوقيُّ : لا يُشترَطُ العِلمُ بالمَجعولِ عليه، بَلْ تارةً يَكونُ مَجهولًا، كالآبِقِ؛ فإنَّه لا بدَّ في صِحَّةِ الجُعلِ على الإتيانِ به ألَّا يُعلَمَ مَكانُه، فإنْ علِمه رَبُّه فَقط، لَزِمَه الأكثَرُ ممَّا سُمِّيَ، وجُعْلُ المِثلِ، وإنْ علِمه العامِلُ فَقط كانَ له بقَدْرِ تَعَبِه عندَ ابنِ القاسِمِ. وقِيلَ: لا شَيءَ له، وإنْ علِماه معًا يَنبَغي له جُعلُ مِثلِه؛ نَظَرًا لِسَبْقِ الجاعِلِ بالعَداءِ.

وَتارةً يَكونُ مَعلومًا كالمُجاعَلةِ على حَفرِ بِئرٍ؛ فإنَّه يُشترَطُ فيه الخِبرةُ بالأرضِ وبمائِها (٢).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: لا يُشترَطُ أنْ يَكونَ العَملُ مَعلومًا؛ لأنَّ الجَعالةَ عَقدٌ جائِزٌ؛ فجازَ أنْ يَكونَ العَملُ فيها مَجهولًا، وَرَدُّ الآبِقِ لا يَنضَبِطُ العَملُ فيه.


(١) «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٩٢)، و «منح الجليل» (٨/ ٧١).
(٢) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٢٩، ٤٣٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>