للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَستحقَّ شَيئًا؛ لأنَّه مُتَبَرِّعٌ، فإنْ قصَد العِوَضَ لِاعتِقادِه أنَّ مثلَ هذا العَملِ لا يُحبَطُ لَم يَستحقَّ أيضًا على المَذهبِ، ولا أثَرَ لِاعتِقادِهِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: مَنْ فَعلَ العَملَ المُجاعَلَ عليه قبلَ أنْ يَبلُغَه الجُعْلُ، لَم يَستحقَّ الجُعْلَ، ولا يَستحقُّ شَيئًا منه؛ لأنَّه مُتَبَرِّعٌ بعَملِه، وحَرُمَ عليه أخْذُه؛ لأنَّه مِنْ أكْلِ المالِ بالباطِلِ، إلَّا إنْ تبَرَّع له به رَبُّه بعدَ إعلامِه بالحالِ، وسَواءٌ أرَدَّه قبلَ بُلوغِ الجُعْلِ أم بعدَه؛ إذِ الجُعْلُ في مُقابَلةِ العَملِ لا التَّسليمِ، أي: سلَّمَ المَردودَ ونحوَه (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: إذا قالَ المالِكُ: «مَنْ أتَى بعَبدِي الآبِقِ، أو ببَعِيرِي الشَّارِدِ فله كذا» فجاءَ به شَخصٌ لَم يَسمَعْ كَلامَه، لكنَّ عادَتَه طَلَبُ الضَّوالِّ والآبِقِينَ فإنَّه يَستحقُّ جُعلَ مِثلِه، سَواءٌ أكانَ جُعلُ مِثلِه مثلَ المُسمَّى أم أقَلَّ مِنه، أم أكَثَرَ.

فَإذا تَخالَفا بعدَ تَمامِ العَملِ في قَدْرِ الجُعْلِ ولَم يُشبِها فإنَّهما يَتحالَفانِ، ويُرَدُّ العامِلُ إلى جُعلِ مِثلِه، ومَن أشبَهَ فالقَولُ قَولُه، وإنْ أشبَها معًا مثلَما إذا أشبَهَ العامِلُ يَكونُ القَولُ قوله، ونُكولُهما كَحَلِفِهما، ويُقضَى لِلحالِفِ على النَّاكِلِ.


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٨٩)، و «البَيان» (٧/ ٤١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٤٢)، و «نهاية المحتاج مع حاشية الشَّبراملسي» (٥/ ٥٣٥).
(٢) «المغني» (٦/ ٢٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>