أسقَطَ حَقَّ نَفْسِه، حيثُ لَم يَأتِ بما شُرِطَ عليه العِوَضُ، ويَصيرُ كَعامِلِ المُضارَبةِ إذا فسَخ قبلَ ظُهورِ الرِّبحِ.
الثَّاني: أنَّه لا يُشترَطُ العِلمُ بالعَملِ؛ فيَصحُّ أنْ يَكونَ العَملُ فيها مَجهولًا، كَخياطةِ لَم يَصِفْها لِثَوبٍ، فجازَ أنْ يَكونَ العَملُ فيها غيرَ مَعلومٍ، كالعاريةِ، بخِلافِ الإجارةِ، فلا بدَّ مِنْ بَيانِ العَملِ.
فَإنْ قالَ: مَنْ رَدَّ عَبدي مِنْ مَوضِعِ كذا، فله كذا … صَحَّ؛ لأنَّه إذا صَحَّ ذلك مَع جَهالةِ العَملِ … فلَأنْ يَصحَّ إذا كانَ العَملُ مَعلومًا أَوْلَى.
الثَّالثُ: أنَّه لا يُشترَطُ العِلمُ بالمُدَّةِ، فتَصحُّ على مُدَّةٍ مَجهولةٍ عندَ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ، مثلَ: مَنْ حرَس زَرْعي فله كلَّ يَومٍ كذا، أو أذَّنَ في هذا المَسجِدِ فله كلَّ شَهرٍ كذا، أو مَنْ رَدَّ لُقَطَتِي أو بَنَى لي هذا الحائِطَ فله كذا، والحِكمةُ ما تَقدَّم، وهذا بخِلافِ الإجارةِ؛ فلا بدَّ فيها مِنْ بَيانِ المُدَّةِ.
الرَّابِعُ: أنَّه لو قُدِّرَتِ المُدَّةُ، كَأنْ قالَ: إنْ وَجَدتَها في شَهرٍ، أو مَنْ رَدَّ عَبدي مِنْ البَصرةِ في هذا الشَّهرِ، فله كذا، أو مَنْ خاطَ قَميصِي في هذا اليَومِ فله دِرهَمٌ، ونحوَ ذلك، صَحَّ عندَ الحَنابِلةِ؛ نَظَرًا لِإطلاقِ كَلامِه؛ لِاحتِمالِ الغَرَرِ فيها، بخِلافِ الإجارةِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا جازَتْ مَجهولةً فمَع التَّقديرِ أَوْلَى.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فإنْ قيلَ: الصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ أنَّ مثلَ هذا لا يَجوزُ في الإجارةِ، فكَيفَ أجَزْتُموه في الجَعالةِ؟ قُلْنا: الفَرقُ بينَهما مِنْ وُجوهٍ: