الأجيرِ المُشترَكِ، فقالوا: إنِ اختَلفا في الرَّدِّ فادَّعاه المُستَأجِرُ، وأنكَرَه المُؤجِّرُ، فالقولُ قولُ المُؤجِّرِ، أنَّه لَم يَرُدَّ عليه؛ لأنَّ المُستَأجِرَ قَبَضَ العَينَ لمَنفعَتِه، فلَم يُقبَلْ قولُه في الرَّدِّ، كالمُستَعيرِ.
وَإنِ اختَلفَ الأجيرُ المُشترَكُ والمُستَأجِرُ في رَدِّ العَينِ التي استُؤجِرَ على العَملِ فيها، فادَّعَى الأجيرُ أنَّه رَدَّها، وأنكَرَ المُستَأجِرُ، فإنْ قُلنا: إنَّ الأجيرَ يَضمَنُ العَينَ بالقَبضِ، لَم يُقبَلْ قولُه في الرَّدِّ؛ لأنَّه ضامِنٌ، فلَم يُقبَلْ قولُه في الرَّدِّ، كالمُستَعيرِ والغاصِبِ.
وإنْ قُلْنا: إنَّه لا يَضمَنُ العَينَ بالقَبضِ، فهَل يُقبَلُ قَولَه في الرَّدِّ؟ فيه وَجهانِ، كالوَكيلِ بجُعلٍ (١).
وَذَهَبَ الإمامُ أبو حَنيفَةَ والحَنابِلةُ في وَجْهٍ إلى أنَّ القَولَ قولُ المُستَأجِرِ؛ لأنَّه أمينٌ، وأنَّ القَولَ قولُ الأمينِ مع يَمينِه.
مثلًا: لَو طَلَب أحَدٌ مِنْ الخيَّاطِ الثَّوبَ الذي أعطاه إيَّاه لِيَخِيطَه، وادَّعَى الخيَّاطُ أنَّه أعطاه إيَّاه، فعِندَ الإمامِ يُصَدَّقُ قولُه بلا بيِّنةٍ، أمَّا عندَ الإمامَينِ فلا يُصَدَّقُ قَولَه بلا بُرهانٍ.
قالَ الكاسانيُّ ﵀: وإنْ كانَ الأجيرُ خاصًّا، فمَا في يَدِه يَكونُ أمانةً في قَولِهم جَميعًا، حتى لَو هَلَكَ في يَدِه بغَيرِ صُنعِه لا يَضمَنُ، أمَّا على أصْلِ أبي حَنيفَةَ فلأنَّه لَم يُوجَدْ منه صُنعٌ يَصلُحُ سَبَبًا لِوُجوبِ الضَّمانِ؛ لأنَّ القَبضَ حَصَلَ بإذْنِ المالِكِ.
(١) «المهذب» (١/ ٤٠٩، ٤١٠)، و «البيان» (٧/ ٤٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute