للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَنفَسِخُ بمَوتِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ مع بَقاءِ العَينِ المُستَأجَرةِ، بَلْ تَبقَى الإجارةُ على حالِها، ويَقومُ وارِثُ المَيِّتِ مِنهما مَقامَه في استِيفاءِ المَنفَعةِ ودَفعِ الأُجرةِ.

قالَ المالِكيَّةُ: لا تَنفَسِخُ الإجارةُ بمَوتِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ مع بَقاءِ العَينِ المُستَأجَرةِ إذا لَم يَتعذَّرِ استِيفاءُ المَنافِعِ؛ لِقَولِه : «مَنْ تَركَ مالًا أو حَقًّا فلِوَرثَتِه»، وهذه الإجارةُ مَتروكةٌ لِلمَيِّتِ، فيَجِبُ أنْ تَكونَ لِوَرثَتِه، وهذا يَنفي الفَسخَ؛ ولأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ؛ فلَم يَنفَسِخْ بمَوتِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ إذا لَم يَعُدْ بتَلَفِ المَنفَعةِ، أو تَعذَّرَ استِيفاؤُها، أصْلُه البَيعُ، ولأنَّه عَقدٌ تَعلّقَ بمَنفَعةٍ تُستَوفَى مِنْ عَينٍ، فلَم يَنفَسِخْ بمَوتِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ، أصْلُه الرَّهنُ، ولأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ مِنْ مالِكٍ على مَنفَعةِ مالِه، وجبَ ألَّا يَنفَسِخَ بمَوتِ المالِكِ، كَعَقدِه النِّكاحَ على أَمَتِه (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: لا تَنفَسِخُ الإجارةُ، ولَو ذِمَّةً، بمَوتِ العاقِدَيْنِ، أو أحَدِهما، بَلْ تَبقَى إلى انقِضاءِ المدَّةِ؛ لأنَّها عَقدٌ لَازِمٌ؛ فلا تَنفَسِخُ بالمَوتِ، كالبَيعِ، فتُترَكُ العَينُ بعدَ مَوتِ المُؤجِّرِ عندَ المُستَأجِرِ، أو وارِثِه؛ لِيَستَوفيَ مِنها المَنفَعةَ، فإنْ كانَتِ الإجارةُ على الذِّمةِ فما التَزَمه دَيْنٌ عليه، فإنْ كانَ في التَّرِكةِ وفاءٌ استُؤجِرَ مِنها؛ لتَوْفِيَته، وإلَّا فالوارِثُ بالخِيارِ، إنْ شاءَ وَفَّاه، واستَحقَّ الأُجرةَ، وإنْ شاءَ أعرَضَ، فلِلمُستَأجِرِ فَسخُ الإجارةِ.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٩٨، ١٩٩) رقم (١٠٤٣)، و «المعونة» (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>