لِوُقوعِ اليَأْسِ عن استِيفاءِ المَعقودِ عليه بعدَ هَلاكِه، فلَم يكُنْ في بَقاءِ العَقدِ فائِدةٌ حتى لَو كانَ المُستَأجِرُ عَبدًا أو ثَوْبًا أو حُلِيًّا أو ظَرْفًا أو دَابَّةً مُعيَّنةً، فهَلَكَ أو هَلَكَ الثَّوبُ المُستَأجَرُ فيه لِلخِياطةِ أو لِلقِصارةِ بَطَلَتِ الإجارةُ.
وإنْ كانَتِ الإجارةُ على دَوابَّ بغَيرِ أعيانِها، فسَلَّمَ إليه دَوابَّ فقَبَضَها فماتَتْ، لا تَبطُلُ الإجارةُ، وعَلَى المُؤاجِرِ أنْ يَأتيَه بغَيرِ ذلك؛ لأنَّه هَلَكَ ما لَم يَقَعْ عليه العَقدُ؛ لأنَّ الدَّابَّةَ إذا لَم تكُنْ مُعيَّنةً فالعَقدُ يَقَعُ على مَنافِعَ في الذِّمةِ، وإنَّما تُسَلَّمُ العَينُ لِيُقِيمَ مَنافِعَها مَقامَ ما في ذِمَّتِه، فإذا هَلَكَ بَقيَ ما في الذِّمةِ بحالِه، فكانَ عليه أنْ يُعيِّنَ غَيرَها.
وَمِنْ أصحابِنا مَنْ قالَ: إنَّ العَقدَ لا يَنفَسِخُ؛ لأنَّ المَنافِعَ فاتَتْ على وَجْهٍ يُتصوَّرُ فيه عَودُها، فأشبَهَ الإباقَ في البَيعِ، «هِداية»، ومِثلُه في «شَرحُ الأقطَعِ».
ثم قالَ: والصَّحيحُ هو الأولُ، وتَبِعَه في «الجَوهرةُ»، لَكنَّ عامَّةَ المَشايِخِ على الثَّاني، وهو الصَّحيحُ، كَما في «الذَّخيرةُ» وَ «التاتَرْخانيَّةُ» و «الاختِيارُ» وغَيرِها، وفي «الغايةُ» نَقلًا عن «إجاراتُ شَمسِ الأئِمةِ»: إذا انهَدَمَتِ الدَّارُ كلُّها فالصَّحيحُ أنَّها لا تَنفَسِخُ، لَكِنْ سقطَ الأجرُ، فَسخَ أو لَم يَفسَخْ (١).
(١) «اللباب» (١/ ٤٩٦، ٤٩٧)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٧٥).