قالَ البُهوتيُّ ﵀: وإنْ وَصَلَ الأجيرُ في الحَفرِ إلى صَخرٍ، أو جَمادٍ، يَمنَعُ الحَفرَ، لَم يَلزَمْهُ حَفرُه؛ لأنَّ ذلك الصَّخرَ أو نَحوَه مُخالِفٌ لِمَا شاهَدَه مِنْ الأرضِ، فإذا ظَهرَ فيها ما يُخالِفُ المُشاهَدةَ كانَ لِلأجيرِ الخيارُ في الفَسخِ والإمضاءِ؛ كَخِيارِ العَيبِ في المَبيعِ، فإنْ فَسخَ الأجيرُ كانَ له مِنْ الأجْرِ بحِصَّةِ ما عَمِلَ، لأنَّ المانِعَ مِنْ الإتمامِ لَيسَ مِنْ قِبَلِه؛ فيُقَسَّطُ الأجرُ المُسمَّى على ما بَقِيَ مِنْ العَملِ، وعَلَى ما عَمِلَ الأجيرُ، فيُقالُ: كَمْ أجْرُ ما عَمِلَ، وكَمْ أجْرُ ما بَقِيَ، فيَسقُطُ الأجْرُ المُسمَّى عليهما؛ فإذا فَرَضْنا أنَّ أجْرَ ما عَمِلَ عَشَرةٌ، وما بَقيَ خَمسةَ عَشَرَ، فلَه خُمُسانِ، ولا يَجوزُ تَقسيطُ الأجْرِ على عَدَدِ الأذرُعِ؛ لأنَّ أعلَى البِئرِ يَسهُلُ نَقلُ التُّرابِ مِنه، وأسفَلَها يَشُقُّ نَقلُ التُّرابِ فيه، هذا ما جَزَم به في «المُغني»، و «المُبدعُ»، وغَيرِهما خِلافَ ما ذكرَه في أوائِلِ البابِ، تَبَعًا لِلرِّعايةِ.
وإنْ نَبَعَ منه -أي: المَحفورِ مِنْ بِئرٍ أو نَهَرٍ- ما مَنَعَ الأجيرَ مِنْ الحَفرِ، فكالصَّخرةِ فلَه الفَسخُ، ويُقَسَّطُ المُسمَّى على ما عَمِلَ، وما بَقيَ، ويَأخُذُ بالقِسطِ (١).