يَعني إذا استَأجَرَ عَقارًا مدَّةً فسَكَنَه بَعضَ المدَّةِ ثم أخرَجَه المالِكُ ومَنَعَه تَمامَ السُّكنَى، فلا شَيءَ له مِنْ الأُجرةِ.
وَيُحتَمَلُ أنَّ له مِنْ الأجْرِ بقِسطِه، وهو قولُ أكثَرِ الفُقهاءِ، فَيَكونُ له أجْرُ ما سَكَنَ؛ لأنَّه استَوفَى مِلْكَ غَيرِه على سَبيلِ المُعاوَضةِ، فلَزِمَه عِوَضُه كالبَيعِ، إذا استَوفَى بَعضَه، ومَنَعَه المالِكُ بَقيَّتَه، كَما لَو تَعذَّرَ استِيفاءُ البَقيَّةِ لِأمْرٍ غالِبٍ.
وَلَنا: أنَّه لَم يُسَلِّمْ إليه ما عَقدَ الإجارةَ عليه، فلَم يَستَحقَّ شَيئًا، كَما لَوِ استَأجَرَه لِيَحمِلَ كِتابًا، فحَمَلَه بَعضَ الطَّريقِ، أوِ استَأجَرَه لِيَحفِرَ له عِشرينَ ذِراعًا، فحَفَرَ له عَشْرًا، وامتَنَعَ مِنْ حَفرِ البَقيَّةِ، وقياسُ الإجارةِ على الإجارةِ أَوْلَى مِنْ قِياسِها على البَيعِ، ويُفارِقُ ما إذا امتَنَعَ الأمرُ الغالِبُ؛ لأنَّ له عُذرًا.
والحُكمُ فيمَنِ اكتَرى دَابَّةً فامتَنَعَ المُكرِي مِنْ تَسليمِها في بَعضِ المدَّةِ، أو آجَرَ نَفْسَه أو عبدَه لِلخِدمةِ مدَّةً، وامتَنَعَ مِنْ إتمامِها، أو أجَّرَ نَفْسَه لِبِناءِ حائِطٍ، أو خِياطةٍ أو حَفرِ بِئرٍ، أو حَمْلِ شَيءٍ إلى مَكانٍ، وامتَنَعَ مِنْ إتمامِ العَملِ؛ كالحُكمِ في العَقارِ، يَمتَنِعُ مِنْ تَسليمِه، وأنَّه لا يَستَحقُّ شَيئًا؛ لِمَا ذَكَرْنا.
فَصلٌ: إذا هَرَبَ الأجيرُ أو شَرَدَتِ الدَّابَّةُ، أو أخَذَ المُؤجِّرُ العَينَ وهَرَبَ بها أو مَنَعَه استِيفاءَ المَنفَعةِ مِنها مِنْ غيرِ هَرَبٍ، لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ، لَكِنْ يثبُتُ لِلمُستَأجِرِ خِيارُ الفَسخِ؛ فإنْ فَسخَ فلا كَلامَ، وإنْ لَم يَفسَخِ انفَسخَتِ الإجارةُ بمُضيِّ المدَّةِ يَومًا فيَومًا؛ فإنْ عادَتِ العَينُ في أثناءِ المدَّةِ استَوفَى ما بَقيَ مِنها، فإنِ انقَضَتِ المدَّةُ انفَسخَتِ الإجارةُ؛ لِفَواتِ المَعقودِ عليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute