وَلَو حَدَثَ خَوفٌ عامٌّ يَمنَعُ مِنْ سُكنَى المَكانِ الذي فيه المُستَأجَرةُ، أو حُصِرَ البَلَدُ، فامتَنَعَ خُروجُ المُستَأجِرِ إلى الأرضِ التي استَأجَرَها لِيَزرَعَها، فلَه الفَسخُ؛ لأنَّه أمْرٌ غالِبٌ مَنَعَ المُستَأجِرَ مِنْ استِيفاءِ المَنفَعةِ، فيثبُتُ به الخِيارُ، كالغَصبِ.
وإنْ كانَ الخَوفُ خاصًّا بالمُستَأجِرِ، كَمَنْ خافَ وَحدَه لِقُربِ أعدائِه مِنْ المَوضِعِ المَأْجورِ، أو لِحُلولِهم في طَريقِه، أو لِمَرَضٍ، أو حَبسٍ، ولَو ظُلْمًا، لَم يَملِكِ الفَسخَ؛ لأنَّه عُذرٌ يَختَصُّ به، لا يَمنَعُ مِنْ استِيفاءِ المَنفَعةِ بالكُليَّةِ؛ لأنَّ له أنْ يُؤجِّرَ مَنْ يَقومُ مَقامَه.
وَلَوِ اكتَرى دَابَّةً لِيَركَبَها إلى مَوضِعٍ مُعيَّنٍ، أوِ اكتَراها لِيَحمِلَ عليها إلى مَوضِعٍ مُعيَّنٍ، فانقَطَعَتِ الطَّريقُ إلَيها، أي: إلى جِهةِ ذلك المَوضِعِ المُعيَّنِ؛ لِخَوفٍ حادِثٍ، أوِ اكتَرى إلى مَكَّةَ، فلَم يَحُجَّ النَّاسُ ذلك العامَ مِنْ تلك الطَّريقِ، ملكَ كلٌّ مِنهما -أي: مِنْ المُؤجِّرِ والمُستَأجِرِ- فَسْخَ الإجارةِ، لِمَا تَقدَّمَ، وإنِ اختارا -أي: المُؤجِّرُ والمُستَأجِرُ- بَقاءَ الإجارةِ إلى حِينِ إمكانِ استِيفاءِ المَنفَعةِ جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لا يَعدوهُما.
وَمَنِ استُؤجِرَ لِعَملِ شَيءٍ في الذِّمةِ ولَم يُشترَطْ عليه مُباشَرَتُه فمَرِضَ، وجبَ عليه أنْ يُقيمَ مَقامَه مَنْ يَعمَلُه لِيَخرُجَ مِنْ الحَقِّ الواجِبِ في ذِمَّتِه؛ كالمُسلَّمِ فيه، والأُجرةُ عليه؛ لأنَّها في مُقابَلةِ ما وجبَ عليه، ولا يَلزَمُ المُستَأجِرَ إنظارُه؛ لأنَّ العَقدَ بإطلاقِه يَقتَضي التَّعجيلَ، إلَّا فيما يَختَلِفُ فيه القَصدُ، كَنَسخٍ؛ فإنَّه يَختَلِفُ باختِلافِ الخُطوطِ، ولا يَلزَمُ المُستَأجِرَ قَبولُ عَملِ غَيرِه؛ لأنَّ الغَرَضَ لا يَحصُلُ به، وإنْ تَعذَّرَ عَملُ الأجيرِ فلِلمُستَأجِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute