المُستَأجِرُ، قبلَ أنْ يُحَوِّلَه المُؤجِّرُ نَصًّا؛ لأنَّ كُلًّا مِنهم لَم يُسَلِّمْ إلى المُستَأجِرِ ما وقعَ عليه عَقدُ الإجارةِ، فلَم يَستَحقَّ شَيئًا، كَمَنِ استَأجَرَ إنسانًا لِيَحمِلَ له كِتابًا إلى بَلَدٍ مُعيَّنٍ فحَمَلَه بَعضَ الطَّريقِ فَقَطْ، أو لِيَحفِرَ له عِشرينَ ذِراعًا، فحَفَرَ له عَشْرًا، وامتَنَعَ مِنْ حَفرِ البقيَّةِ.
وإنْ هَرَبَ الأجيرُ قبلَ إكمالِ العَملِ لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ، أو شَرَدَتِ الدَّابَّةُ المُؤجَّرةُ، لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ، أو أخَذَها المُؤجِّرُ وهَرَبَ بها، لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ، أو مَنَعَ المُؤجِّرُ المُستَأجِرَ مِنْ استِيفاءِ المَنفَعةِ مِنْ غيرِ هَرَبٍ لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ بذلك؛ لِلُزومِها، ويثبُتُ لِلمُستَأجِرِ خِيارُ الفَسخِ؛ استِدراكًا لِمَا فاتَهُ؛ فإنْ فَسخَ فلا كَلامَ، وإنْ لَم يَفسَخِ المُستَأجِرُ الإجارةَ، وكانَتِ الإجارةُ على مدَّةٍ انفَسخَتِ الإجارةُ بمُضِيِّها يَومًا فيَومًا؛ لِفَواتِ المَعقودِ عليه؛ فإنْ عادَتِ العَينُ المُؤجَّرةُ في أثنائِها استَوفَى المُستَأجِرُ ما بَقيَ مِنْ المدَّةِ؛ لِبَقاءِ الإجارةِ فيه، وإنِ انقَضَتِ المدَّةُ كلُّها قبلَ عَوْدِها انفَسخَتِ الإجارةُ؛ لِفَواتِ المَعقودِ عليه.
وإنْ كانَتِ الإجارةُ على عَملٍ في الذِّمةِ، كَأنِ استُؤجِرَ لِخياطةِ ثَوبٍ ونَحوِهِ؛ كَبِناءِ حائِطٍ، أو استُؤجِرَ لِحَملِ شَيءٍ إلى مَوضِعٍ مُعيَّنٍ، ثم هَرَبَ الأجيرُ قبلَ إتمامِ العَملِ، استُؤجِرَ مِنْ مالِه -أي: استَأجَرَ الحاكِمُ مِنْ مالِ الأجيرِ- مَنْ يَعمَلُه، كَما لَو أسَلَمَ إليه في شَيءٍ، فهَرَبَ قبلَ أدائِه؛ لأنَّ له وِلايةً على الغائِبِ والمُمتَنِعِ؛ فيَقومُ عَنهُما بما وجبَ عليهما مِنْ مالِهِما؛ فإنْ تَعذَّرَ بأنْ لَم يكُنْ له مالٌ، فلِلمُستَأجِرِ الفَسخُ، ولَه الصَّبرُ إلى أنْ يَقدِرَ عليه فيُطالِبَه بالعَملِ؛ لأنَّ ما في ذِمَّتِه لا يَفوتُ بهَرَبِه، فإنْ لَم يَفسَخِ المُستَأجِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute