للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: لا يَملِكُه في المَوضِعَيْنِ، وهو المَشهورُ مِنْ مَذهبِ أحمدَ عندَ أصحابِه.

والثَّالث: يَملِكُ حَبْسَ العَينِ المُستَأجَرةِ على عَملِها، ولا يَملِكُ حَبسَ المَبيعِ على ثَمنِه.

والفَرقُ بَينَهما أنَّ العَملَ يَجري مَجرَى الأعيانِ، ولِهَذا يُقابَلُ بالعِوَضِ، فصارَ كَأنَّه شَريكٌ لِمالِكِ العَينِ بعَملِه، فأثَرُ عَملِه قائِمٌ بالعَينِ فلا يَجِبُ عليه تَسليمُه قبلَ أنْ يَأخُذَ عِوَضَه، بخِلافِ المَبيعِ؛ فإنَّه قد دخلَ في مِلْكِ المُشتَرِي وصارَ الثَّمنُ في ذِمَّتِه، ولَم يَبْقَ لِلبائِعِ تَعلّقٌ بالعَينِ، ومَن سَوَّى بَينَهما قالَ: الأُجرةُ قد صارَتْ في الذِّمةِ، ولَم يَشتَرِطْ رَهنَ العَينِ عليها، فلا يَملِكُ حَبْسَها.

وعلى هذا فالحِيلةُ في الحَبسِ في المَوضِعَيْنِ حتى يَصِلَ إلى حَقِّه أنْ يَشتَرِطَ عليه رَهنَ العَينِ المُستَأجَرةِ على أُجرَتِها، فيَقولَ: رَهَنتُكَ هذا الثَّوبَ على أُجرَتِه، وهي كَذا وكَذا، وهَكَذا في المَبيعِ يَشتَرِطُ على المُشتَرِي رَهنَه على ثَمنِه حتى يُسَلِّمَه إلَيه، ولا مَحذورَ في ذلك أصْلًا، ولا مَعنًى، ولا مَأخَذَ قَويًّا يَمنَعُ صِحَّةَ هذا الشَّرطِ والرَّهنِ، وقَدِ اتَّفَقوا على أنَّه لَو شرطَ عليه رَهنَ عَينٍ أُخرَى على الثَّمنِ جازَ؛ فما الذي يَمنَعُ جَوازَ رَهنِ المَبيعِ على ثَمنِه ولا فَرقَ بينَ أنْ يَقبِضَه، وألَّا يَقبِضَه، على أصَحِّ القوليْنِ، وقَد نَصَّ الإمامُ أحمَدُ على جَوازِ اشتِراطِ رَهنِ المَبيعِ على ثَمنِه، وهو الصَّوابُ، ومُقتَضَى قَواعِدِ الشَّرعِ وأُصولِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>