للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: لَيسَ له ذاكَ؛ قِياسًا على ما ذَكَرْنا.

والآخَرُ: له ذاكَ؛ لأنَّ عَملَه مِلْكٌ لَهُ؛ كالبائِعِ، واللَّهُ أعلمُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوبَ على أُجرَتِه بعدَ عَملِه -أي: قَصَّرَه أو خاطَهُ أو صَبَغَه، وفعلَ نَحوَها- فتَلِفَ، ضَمِنَه؛ لأنَّه لَم يَرهَنْه عِندَه، ولا أذِنَ له في إمساكِه، فلَزِمَه الضَّمانُ، كالغاصِبِ.

وإنْ أفلَسَ مُستَأجِرٌ -أي: لَوِ اشترَى ثَوبًا مثلًا ودفعَه لِصانِعٍ عَمِلَه-ثم جاءَ بائِعُه يَطلُبُه بعدَ فَسخِه البَيعَ؛ لِوُجودِ مَتاعِه عندَ مَنْ أفلَسَ، فلِلصَّانِعِ حَبْسُه على أُجرَتِه؛ لأنَّ العَملَ الذي هو عِوَضُها مَوجودٌ في عَينِ الثَّوبِ، فملكَ حَبْسَه، مع ظُهورِ عُسرةِ المُستَأجِرِ، كَمَنْ أجَّرَ دَابَّتَه أو نَحوَها لِإنسانٍ بأُجرةٍ حالَّةٍ، ثم ظَهرَتْ عُسرةُ المُستَأجِرِ، فإنَّ لِلمُؤجِّرِ حَبْسَها عِندَه، وفَسْخَ الإجارةِ، ثم إنْ كانَتْ أُجرَتُه أكثَرَ ممَّا زادَتْ به قِيمَتُه أخَذَ الزِّيادةَ، وحاصَصَ الغُرَماءَ بما بَقيَ له مِنْ الأُجرةِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : اختَلفَ الفُقهاءُ هَلْ يَمْلِكُ البائِعُ حَبسَ السِّلعةِ على ثَمنِها؟ وهَل يَملِكُ المُستَأجِرُ حَبْسَ العَينِ بعدَ العَملِ على الأُجرةِ؟ على ثَلاثةِ أقوالٍ:

أحَدُها: يَملِكُه في المَوضِعَيْنِ، وهو قولُ مالِكٍ وأبي حَنيفةَ، وهو المُختارُ.


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٧٢).
(٢) «المغني» (٥/ ٣١٠)، و «المبدع» (٥/ ١١١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤، ٤٥)، و «الإنصاف» (٦/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>