للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تَلزَمُ الأُجرةُ؛ لأنَّه ضَمِنَ قِيمَتَها يَومَ قَبضِها غيرَ مَصنوعةٍ، وحينئذٍ لا أُجرةَ لَه، وليسَ لربِّه أنْ يَقولَ: أنا أدفَعُ الأُجرةَ وآخُذُ قِيمَتَه مَعمولًا، ولَم يَجِبْ لِذلك إلَّا أنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أنَّه تَلِفَ بعدَ العَملِ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ في الأصَحِّ: تَجِبُ قِيمَتُه يَومَ إتْلافِه، ولا تُقوَّمُ الصَّنعةُ لا له، ولا عليه.

وفي مُقابِلِ الأصَحِّ تَجِبُ أقصَى قِيمةٍ مِنْ القَبضِ إلى التَّلَفِ (٢).

وقالَ العِمرانيُّ في «البَيانُ»: وأمَّا قَدْرُ ما يَضمَنُه الأجيرُ … فيُنظَرُ فيهِ:

فَإنِ استَأجَرَه لِيَعمَلَ له في عَينٍ في مِلْكِه، أو غيرِ مِلْكِه، وهو مُشاهِدٌ لَها … فقَد قُلْنا: إنَّه لا يَضمَنُها الأجيرُ إلَّا بالتَّعدِّي فيها، فإنْ تَعدَّى الأجيرُ فيها، ثم أتلَفَها … قالَ الشَّيخُ أبو حامِدٍ: فإنَّه يَلزَمُه قِيمَتُها يَومَ الإتْلافِ، لا يَومَ التَّعدِّي؛ لأنَّه إذا تَعدَّى فيها وهي باقيةٌ … فيَد مالِكِها عليها، فزالَ تَعَدِّيه بثُبوتِ يَدِ صاحِبِها عليها.

وإنْ كانَ الأجيرُ يَعمَلُ في غيرِ مِلْكِ المُستَأجِرِ، وكانَ المالِكُ غيرَ مُشاهِدٍ لَها، فإنْ قُلْنا: إنَّ يَدَه يَد أمانةٍ فتَعدَّى فيها … لَزِمَه قِيمَتُها أكثَرَ ما


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٧٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٠١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٧٧، ٥٧٨).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٥٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤١١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٥٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٧٦)، و «كنز الراغبين مع حاشية قليوبي وعميرة» (٣/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>