كَتَخريقِ القَصَّارِ الثَّوبَ مِنْ دَقِّه، أو مَدِّه، أو عَصْرِه، أو بَسْطِه، وغَلَطِه -أي: الخيَّاطِ- في تَفصيلِه ودَفعِه إلى غيرِ رَبِّه، رُوِيَ عن عُمرَ وعَلِيٍّ ﵄؛ لأنَّ عَملَه مَضمونٌ عليه؛ لِكَونِه لا يَستَحقُّ العِوَضَ إلَّا بالعَملِ؛ فإنَّ الثَّوبَ لَو تَلِفَ في حِرزِه بعدَ عَملِه لَم يكُنْ له أُجرةٌ فيما عَمِلَ فيه، بخِلافِ الخاصِّ وما تَوَلَّدَ منه يَجِبُ أنْ يَكونَ مَضمونًا، كالعُدوانِ بقَطعِ عُضوٍ، وكَزَلَقِ حَمَّالٍ، وسُقوطِ الحِملِ عن دَابَّتِه، أو رَأْسِه، أو تَلِفَ الحِملُ مِنْ عَثرةِ الحامِلِ مِنْ آدَميٍّ أو بَهيمةٍ، ويَضمَنُ ذلك، كَمَا تَقدَّمَ.
وَيَضمَنُ أيضًا ما تَلِفَ بقَودِه وسَوْقِه وانقِطاعِ حَبلِه الذي يَشُدُّ به حِمْلَه، وكَذا طَبَّاخٌ وخَبَّازٌ وحائِكٌ ومَلَّاحُ سَفينةٍ، ونَحوُهم مِنْ الأُجَراءِ المُشترَكينَ، فيَضمَنونَ ما تَلِفَ بفِعلِهم؛ لِمَا تَقدَّمَ، سَواءٌ حَضَرَ ربُّ المالِ أو غابَ، وسَواءٌ كانَ يَعمَلُ في بَيتِ المُستَأجِرِ أو في بَيتِه؛ لأنَّ ضَمانَه لِجِنايَته.
واختارَ القاضي في المُجرَّدِ وأصحابُه أنَّ الأجيرَ المُشترَكَ إنَّما يَضمَنُ إذا كانَ يَعمَلُ في مِلْكِ نَفْسِه، مثلَ الخَبَّازِ يَخبِزُ في تَنُّورِه ومِلْكِه، والقَصَّارِ والخيَّاطِ في دُكَّانَيْهِما، قالَ: ولَو دَعا الرجُلُ خَبَّازًا فخَبَزَ له في دارِه، أو خيَّاطًا أو قَصَّارًا لِيُقصِّرَ ويَخيطَ عِندَه، فلا ضَمانَ عليه فيما أتلَفَ ما لَم يُفرِّطْ؛ لأنَّه سَلَّمَ نَفْسَه إلى المُستَأجِرِ، فيَصيرُ كالأجيرِ الخاصِّ.
قالَ: ولَو كانَ صاحِبُ المَتاعِ مع المَلَّاحِ في السَّفينةِ، أو راكِبًا على الدَّابَّةِ فَوقَ حِمْلِه، فعَطِبَ الحِمْلُ، فلا ضَمانَ على المَلَّاحِ والمُكارِي؛ لأنَّ يَدَ صاحِبِ المَتاعِ لَم تَزُلْ، ولَو كانَ ربُّ المَتاعِ والجَمَّالُ راكِبيْنِ على