للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ شاءَ تَركَ الأجْرَ لَه، ويُسقِطُ حِصَّةَ ذلك اليَومِ مثلًا مِنْ الأجرِ الأولِ. فإنْ لَم يُفَوِّتْ عليه شَيئًا بأنْ وَفَّى له بجَميعِ ما استَأجَرَه عليه فلا كَلامَ لَه.

وَكَذا لَو عَمِلَ مَجَّانًا؛ فإنَّه يُسقِطُ مِنْ أُجرَتِه بقَدْرِ قِيمةِ ما عَمِلَ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لَيسَ لِلأجيرِ الخاصِّ أنْ يَعمَلَ لِغَيرِ مُستَأجِرِه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ عليه ما استَحقَّه بالعَقدِ؛ فإنْ عَمِلَ الأجيرُ الخاصُّ لِغَيرِ مُستَأجِرِه وأضَرَّ بالمُستَأجِرِ فلِلمُستَأجِرِ قِيمةُ ما فَوَّتَه مِنْ مَنفعَتِه عليه بعَملِه لِغَيرِه على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ.

قالَ أحمَدُ في رَجُلٍ استَأجَرَ أجيرًا على أنْ يَحتَطِبَ له على حِمارَيْنِ، كلَّ يَومٍ، فكانَ الرجُلُ يَنقُلُ عليهما وعَلَى حَميرٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، ويَأخُذُ منه الأُجرةَ؛ فإنْ كانَ يَدخُلُ عليه ضَرَرٌ يَرجِعُ عليه بالقِيمةِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ في «المُغني»: فظاهِرُ هذا أنَّ المُستَأجِرَ يَرجِعُ على الأجيرِ بقِيمةِ ما استَضرَّ باشتِغالِه عن عَملِه؛ لأنَّه قالَ: إنْ كانَ يَدخُلُ عليه ضَرَرٌ يَرجِعُ عليه بالقِيمةِ، فاعتُبِرَ الضَّررُ، وظاهِرُ هذا أنَّه لَم يَستَضِرَّ، لا يَرجِعُ بشَيءٍ؛ لأنَّه اكتَراهُ لِعَملٍ، فوَفَّاه على التَّمامِ، فلَم يَلزَمْه شَيءٌ، كَما لَوِ استَأجَرَه لِعَملٍ، فكانَ يَقرَأُ القُرآنَ في حالِ عَملِهِ؛ فإنْ ضَرَّ المُستَأجِرَ يَرجِعُ عليه بقِيمةِ ما فَوَّتَ عليه.

وَيُحتَمَلُ أنَّه أرادَ أنَّه يَرجِعُ عليه بقِيمةِ ما عَمِلَه لِغَيرِهِ؛ لأنَّه صَرَفَ مَنافِعَه


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٦٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٩٢)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>