للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حَنيفةَ: أكرَهُ أنْ يَستَأجِرَ الرجُلُ امرَأةً حُرَّةً يَستَخدِمُها ويَخلو بها، وكذلك الأَمَةُ، وهو قولُ أبي يُوسفَ، ومُحمَّدٍ، أمَّا الخَلوةُ فلأنَّ الخَلوةَ بالمَرأةِ الأجنَبيَّةِ مَعصيةٌ، وأمَّا الِاستِخدامُ فلأنَّه لا يُؤمَنُ معه الِاطِّلاعُ عليها، والوُقوعُ في المَعصيةِ (١).

وقالَ بُرهانُ الدِّينِ بنُ مازَه في «المُحيطُ البُرهانيُّ»:

قالَ مُحمَّدٌ في «الأصلُ»: ويُكرَهُ لِلرجُلِ أنْ يَستَأجِرَ امرَأةً حُرَّةً يَستَخدِمُها بخَلوَتِها؛ لأنَّ الخَلوةَ بالأجنَبيَّةِ قبلَ الإجارةِ مَكروهةٌ؛ لكيلَا تَصيرَ سَبَبًا لِلوُقوعِ في الفِتنةِ، وهذا المَعنَى مَوجودٌ بعدَ الإجارةِ، لَكنَّ الإجارةَ جائِزةٌ؛ لأنَّها عُقِدَتْ على الِاستِخدامِ، وأنَّه مُباحٌ في الخَلوةِ بها، وقَد يَخلو بها، وقَد لا يَخلو بها، وكانَ بمَنزِلةِ الِاستِئجارِ على كِتابةِ النَّوْحِ والغِناءِ، فإنَّها جائِزةٌ؛ لأنَّ المَعصيةَ في القِراءةِ، وعَسَى تُقرَأُ وعَسَى لا تُقرَأُ، كَذا ههُنا، إلَّا أنَّه لَم يَذكُرِ الكَراهةَ ثَمةَ، وذكرَ ههُنا؛ لأنَّه قد يَخلو بها، والخَلوةُ بالأجنَبيَّةِ في الحَملِ على المَعصيةِ أبلَغُ مِنْ الكِتابةِ في حَملِه على القِراءةِ، فلِهَذا ذكرَ الكَراهةَ ههُنا، ولَم يَذكُرْ ثَمةَ.

وفي «النَّوازِلُ»: «حُرَّةٌ أجَّرَتْ نَفْسَها مِنْ رَجُلٍ ذي عِيالٍ، فلا بَأْسَ به، ولَكِنْ يُكرَهُ أنْ يَخلُوَ بها؛ لأنَّه مِنْ احتِمالِ الوُقوعِ في الفَسادِ، وهو تَفسيرُ ما ذُكِرَ في الأصْلِ» (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٨٩).
(٢) «المحيط البرهاني» (٨/ ٣٦)، و «درر الحكام» (١/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>