للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاستيفاءِ، لا مِنْ الِاستِحقاقِ، وإنْ شِئتَ قُلتَ: مِنْ استِيفاءِ المَملوكِ، لا مِنْ المَالِكِ، وإنْ شِئتَ قُلتَ: العَقدُ مُقتَضٍ لِاستِحقاقِها، ولَكِنْ مَنَعَ مانِعٌ، فاستَثناها، وحينئذٍ فالسُّبوتُ داخِلةٌ في الإجارةِ، ومِلكُ المُستَأجِرِ مَنفعَتُه فيها، وإنَّما امتَنَعَ عليه الِاستيفاءُ لِأمرٍ عُرفيٍّ مَشروطٍ ببَقاءِ اليَهوديَّةِ، فإذا أسلَمَ لَم يَبقَ مانِعٌ، والِاستِحقاقُ ثابِتٌ؛ لِعُمومِ العَقدِ؛ فيَستَوفيه، ويَجِبُ عليه بَعدَما أسلَمَ أنْ يُؤدِّيَ الصَّلَواتِ في أوقاتِها، ويَزولُ استِحقاقُ المُستَأجِرِ لِاستيفائِها بالإسلامِ، وإنْ كانَتْ مَملوكةً له بالعَقدِ، كَما لَم يَستَحقَّ استِيفاءَها في استِئجارِ المُسلِمِ، وإنْ كانَتْ مَملوكةً له بالعَقدِ؛ وإنَّما وجبَ استِحقاقُ صَرفِها قبلَ الإسلامِ إلى العَملِ؛ لِعَدَمِ المانِعِ مِنْ استِيفائِها، مع استِحقاقِها، ونَظيرُه لَوِ استَأجَرَ امرَأةً لِعَملٍ مدَّةً، فحاضَتْ في بَعضِها، فأوقاتُ الصَّلاةِ في زَمنِ الحَيضِ غيرُ مُستَثناةٍ، وفي غَيرِه مُستَثناةٌ، ولا يُنظَرُ في ذلك إلى حالِ العَقدِ، بَلْ إلى حالِ الِاستِيفاءِ، وهَكَذا اكتِراءُ الإبِلِ إلى الحَجِّ، وسَيْرُها مَحمولٌ على العادةِ، والمَنازِلِ المُعتادةِ، فلَوِ اتَّفقَ في مدَّةِ الإجارةِ تَغييرُ العادةِ وسارَ النَّاسُ على خِلافِ ما كانوا يَسيرونَ فيما لا يَضُرُّ بالأجيرِ والمُستَأجِرِ، وجبَ الرُّجوعُ إلى ما صارَ عادةُ النَّاسِ، ولا نَقولُ بانفِساخِ العَقدِ، واعتِبارِ العادةِ الأُولَى، هذا مُقتَضَى الفِقهِ، وإنْ لَم أجِدْه مَنقولًا، قالَ: ولَوِ استَعمَلَ المُستَأجِرُ اليَهوديَّ يَومَ السَّبتِ ظالِمًا، أو ألزَم المُسلِمَ العَملَ في أوقاتِ الصَّلاةِ ونَحوِها، لَم يَلزَمْه أُجرةُ المِثلِ، وقَد قالَ البَغوَيُّ في فَتاويهِ: إنَّه لَوِ استَأجَرَ عَبدًا فاستَعمَلَه في أوقاتِ الرَّاحةِ لَم يَجِبْ عليه أُجرةٌ زائِدةٌ؛ لأنَّ جُملةَ الزَّمانِ مُستَحقَّةٌ، وتَرْكَ الرَّاحةِ لِيتَوَافَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>