وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: قالَ أحمَدُ: أجيرُ المُشاهَرةِ يَشهَدُ الأعيادَ والجُمُعةَ، ولا يَشتَرِطُ ذلك. قيلَ لَهُ: فيَتَطَوَّعُ بالرَّكعَتَيْنِ؟ قالَ: ما لَم يَضُرَّ بصاحِبِه. إنَّما أباحَ له ذلك لأنَّ أوقاتَ الصَّلاةِ مُستَثْناةٌ مِنْ الخِدمةِ، ولِهَذا وَقَعَتْ مُستَثْناةً في حَقِّ المُعتَكِفِ بتَرْكِ مُعتكَفِه لَها، وقالَ ابنُ المُبارَكِ: لا بَأْسَ أنْ يُصَلِّيَ الأجيرُ رَكعاتِ السُّنةِ، وقالَ أبو ثَورٍ، وابنُ المُنذِرِ: لَيسَ له مَنْعُه مِنها (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: أجيرُ العَينِ يَجِبُ عليه حُضورُ الجُمُعةِ، قالوا: وأمَّا ما جَرَتْ به العادةُ مِنْ إحضارِ الخُبزِ لِمَنْ يَخبِزُه ويُعطَى ما جَرَتْ به العادةُ مِنْ الأُجرةِ، فليسَ اشتِغالُه بالخُبزِ عُذرًا، بَلْ يَجِبُ حُضورُ الجُمُعةِ، وإنْ أدَّى إلى تَلَفِه ما لَم يُكرِهْهُ صاحِبُ الخُبزِ على عَدَمِ الحُضورِ، فلا يَعصِي، ويَنبَغي أنَّه لَو تَعدَّى ووَضعَ يَدَه عليه، وكانَ لَو تَركَه وذَهَبَ إلى الجُمُعةِ تَلِفَ كانَ ذلك عُذرًا، وإنْ أثِمَ بأصْلِ اشتِغالِه به على وَجهٍ يُؤدِّي إلى تَلَفِه لَو ذَهَبَ إلى الجُمُعةِ، ومِثلُه في ذلك بَقيَّةُ العُمالِ؛ كالنَّجَّارِ والبَنَّاءِ ونَحوِهِما، قالَ الجَمَلُ في «حاشِيَته»: وظاهِرُ إطلاقِه كَحَجٍّ أنَّه حَيثُ لَم يَفسُدُ عَملُه يَجِبُ عليه الحُضورُ، وإنْ زادَ زَمنُه على زَمنِ صَلاتِه بمَحَلِّ عَملِه، ولَو طالَ، وعِبارةُ الإيعابِ والمُعتَمَدِ أنَّ الإجارةَ لَيسَتْ عُذرًا في الجُمُعةِ؛ فقَد ذكرَ الشَّيخانِ في بابِها أنَّه يُستَثْنَى مِنْ زَمنِها زَمنُ الصَّلاةِ والطَّهارةِ والصَّلاةِ
(١) «المغني» (٥/ ٢٧١)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute