للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكنَّ الشافِعيَّةَ قالوا: لا بدَّ مِنْ القَبضِ الحَقيقيِّ في الإجارةِ الفاسِدةِ؛ فلا يَكفي تَخليةُ العَقارِ في الإجارةِ الفاسِدةِ، وإنْ كانَ كافيًا في الصَّحيحةِ، وكَذا الوَضعُ بينَ يَدَيْه، يَكفي في الصَّحيحةِ دونَ الفاسِدةِ، وكَذا لَو عَرضَ المُؤجِّرُ العَينَ على المُستَأجِرِ في الإجارةِ الفاسِدةِ فامتَنَعَ، لَم تَستقِرَّ الأُجرةُ؛ لأنَّ الأُجرةَ إنَّما تَستقِرُّ بأحَدِ أمرَيْنِ: إمَّا بعَقدٍ صَحيحٍ، ويُتَمَكَّنُ فيه مِنْ استِيفاءِ المَنفَعةِ، أو بأنْ تُتلَفَ المَنفَعةُ تَحتَ يَدِه، ولَم يُوجَدْ أحَدُهما (١).

قالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: إذا تَسَلَّمَ العَينَ المَعقودَ عليها في الإجارةِ الفاسِدةِ حتى انقَضَتِ المدَّةُ أو بَعضُها، أو مدَّةٌ يُمكِنُ استِيفاءُ المَنفَعةِ فيها أوَّلًا، فعليه أُجرةُ المِثلِ لِمدَّةِ بَقائِها في يَدِه، سَكَنَ أو لَم يَسكُنْ؛ لأنَّ المَنافِعَ تَلِفَتْ تَحتَ يَدِه بعِوَضٍ لَم يُسَلَّمْ لِلمُؤجِّرِ؛ فرَجعَ إلى قِيمَتِها، كَما لَوِ استَوْفاه، وإنْ لَم يَتسلَّمِ العَينَ في الإجارةِ الفاسِدةِ لَم يَلزَمْه أُجرةٌ، ولَو بذلَ العَينَ المالِكُ؛ لأنَّ المَنافِعَ لَم تُتلَفْ تَحتَ يَدِه، والعَقدُ الفاسِدُ لا أثَرَ لَه، بخِلافِ الإجارةِ الصَّحيحةِ (٢).


(١) «البيان» (٧/ ٣٣٣، ٣٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٧٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٩٥)، و «الديباج» (٢/ ٤٩١)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٣٣).
(٢) «المغني» (٥/ ٢٥٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٤٠)، و «المبدع» (٥/ ١١٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٥٥)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>