وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في الصَّحيحِ من مَذهبِه -وهو إحدَى الرِّواياتِ عن الإمامِ مالِكٍ والشافِعيِّ، وهو اختيارُ شَيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميةَ- إلى أنَّه يُصلِّي على حَسبِ حالِه ولا يُعيدُ، قالَ النَّوويُّ: وهو مَذهبُ المُزنِيِّ، وهو أقوى الأَقوالِ دَليلًا، ويُعضدُه هذا الحَديثُ:«أنَّ النَّبيَّ ﷺ بعَثَ أُناسًا لطَلبِ قِلادةٍ أضلَّتها عائِشةُ، فأدركَتهم الصَّلاةُ فصلَّوْا بغيرِ وُضوءٍ، فلمَّا أتَوُا النَّبيَّ ﷺ شَكَوْا ذلك إليه، فنزَلَت آيةُ التَّيممِ»(١)، ولم يُنكرِ النَّبيُّ ﷺ ذلك، ولا أمَرَهم بالإعادةِ، فدَلَّ على أنَّها غيرُ واجِبةٍ، والقَضاءُ إنَّما يَجبُ بأمرٍ جَديدٍ ولم يَثبُتِ الأمرُ، فلا يَجبُ، ولأنَّه أتى بما أُمرَ فخرَجَ عن عُهدتِه، ولأنَّه شَرطٌ من شَرائطِ الصَّلاةِ، فيَسقطُ عندَ العَجزِ عنه كسائِرِ شُروطِها وأَركانِها، ولأنَّه أدَّى فَرضَه على حَسبِه، فلم يَلزمْه الإعادةُ كالعاجِزِ عن القيامِ إذا صلَّى جالِسًا.
وذهَبَ الإمامُ الشافِعيُّ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه الصَّلاةُ ولكنْ يُستحبُّ، ويَجبُ القَضاءُ سَواءٌ صلَّى أو لم يُصلِّ.
وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ فاقِدَ الطَّهورَينِ هو الذي لم يَجدْ ماءً ولا صَعيدًا يَتيممُ به لمانِعٍ كمَن حُبسَ في مَكانٍ ليسَ فيه واحِدٌ منهما، أو في مَوضعٍ نَجسٍ ليسَ فيه ما يَتيممُ به، وكانَ مُحتاجًا للماءِ الذي معه لعَطشٍ، كالمَصلوبِ وراكِبِ سَفينةٍ لا يَصلُ إلى الماءِ كمَن لا يَستطيعُ