للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ النَّوَويُّ : استِئجارُ القَناةِ لِلزِّراعةِ بمائِها جائِزٌ؛ لأنَّا إنْ قُلْنا: الماءُ لا يُمَلَّكُ؛ كالشَّبَكةِ لِلِاصطيادِ، وإلَّا فالمَنافِعُ آبارُ الماءِ، وقَد جَوَّزوا استِئجارَ بِئرِ الماءِ لِلِاستِقاءِ، والتي بَعدَها مُستَأجَرةٌ لِإجراءِ الماءِ فيها.

وقالَ الرُّويانيُّ : إذا اكتَرى قَرارَ القَناةِ لِيَكونَ أحَقَّ بمائِها جازَ في وَجْهٍ، وهو الِاختيارُ، والمَعروفُ مَنعُه، ومُقتَضَى لَفظِه أنْ يَكونَ تَعريفًا على أنَّ الماءَ لا يُمَلَّكُ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ ابنُ عَقيلٍ : يَجوزُ استِئجارُ البِئرِ لِيَستَقيَ مِنها أيَّامًا مَعلومةً، أو يَستَقيَ مِنها دِلاءً مَعلومةً؛ لأنَّ هَواءَ البِئرِ وعُمقَها فيهما نَوعُ انتِفاعٍ بمُرورِ الدَّلوِ فيها، فأمَّا الماءُ فيُؤخَذُ على الإباحةِ، انتَهَى؛ لأنَّه إنَّما يُملَكُ بالحِيازةِ، كَما تَقدَّمَ، قالَ في المُغني: وهذا التَّعليلُ يَقتَضي أنَّه يَجوزُ أنْ يَستَأجِرَ منه بِرْكَتَه لِيَصطادَ مِنها السَّمَكَ مدَّةً مَعلومةً، انتَهَى، قالَ البُهوتيُّ: وَهو واضِحٌ، إذا لَم تُعمَلْ لِلسَّمَكِ؛ لأنَّ هَواءَ البِرْكَةِ وعُمقَها فيهما نَوعُ انتِفاعٍ بمُرورِ آلةِ الصَّيدِ، والسَّمَكُ يُؤخَذُ على الإباحةِ، وأمَّا إذا عُمِلَتْ لِلسَّمَكِ فإنَّه يُملَكُ بحُصولِه فيها، فلا تَصحُّ الإجارةُ لِأخذٍ، لَكِنْ إنْ أجَّرَها قبلَ حُصولِ السَّمَكِ بها لِمَنْ يَصطادُه مِنها مدَّةً مَعلومةً صَحَّ، فإذا حَصَلَ فيها فلَه صَيدُهُ (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٠، ١١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٠١)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٠٧).
(٢) «المغني» (٥/ ٣١٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٣٥)، و «المبدع» (٥/ ٧٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٦١، ٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>