التَّيممِ، ولكنَّ هذا الرَّدَّ على زُفرَ إنَّما يَتمُّ لو أخَّرَ بعُذرٍ فيَلزمُهم أنْ يُرخِّصوا له التَّيممَ لو أخَّرَ لعُذرٍ، على أنَّه لو أخَّرَ بلا عُذرٍ فلا يَتَّجهُ أيضًا؛ لأنَّها غايَتُه أنَّه عاصٍ بالتَّأخيرِ والعاصِي عندَنا كالمُطيعِ في ثُبوتِ التَّرخيصِ له.
وأَقولُ: إذا أخَّرَ لا لعُذرٍ فهو عاصٍ.
والمَذهبُ عندَنا أنَّه كالمُطيعِ في الرُّخصِ، نَعمْ تَأخيرُه إلى هذا الحَدِّ عُذرٌ جاءَ من قِبَلِ غيرِ صاحِبِ الحَقِّ، فيَنبَغي أنْ يُقالَ: يَتيممُ ويُصلِّي ثم يُعيدُ الوُضوءَ، كمَن عجَزَ بعُذرٍ من قِبَلِ العِبادِ، وقد نقَلَ الزاهِديُّ في شَرحِه هذا الحُكمَ عن اللَّيثِ بنِ سَعدٍ.
وقد ذكَرَ ابنُ خِلِّكانَ أنَّه كانَ حَنفيَّ المَذهبِ، وكذا ذكَرَه في الجَواهرِ المُضيئةِ في طَبقاتِ الحَنفيةِ.
قالَ ابنُ عابِدينَ: وهذا قَولٌ مُتوسطٌ بينَ القَولَينِ، وفيه الخُروجُ عن العُهدةِ بيَقينٍ، لذا أقَرَّه الشارِحُ، ثم رأيتُه مَنقولًا في التاتَرخانيةِ عن أبي نَصرِ ابنِ سَلامٍ، وهو من كِبارِ أئِمةِ الحَنفيةِ قَطعًا، فيَنبَغي العَملُ به احتِياطًا ولا سيَّما أنَّ كَلامَ ابنِ الهُمامِ يَميلُ إلى تَرجيحِ قَولِ زُفرَ كما علِمتُه، بل قد علِمتُ من كَلامِ «القُنية» أنَّه رِوايةٌ عن مَشايخِنا الثَّلاثةِ، ونَظيرُ هذا مَسألةُ الضَّيفِ الذي خافَ رِيبةً؛ فإنَّهم قالوا: يُصلِّي ثم يُعيدُ، واللهُ تَعالى أعلَمُ (١).
(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤١٣، ٤١٤)، و «البحر الرائق» (١/ ١٤٧)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ١٧، ١٨)، و «الأوسط» (٢/ ٣٠، ٣١)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٤٦٩)، و «المغني» (١/ ٣٤٣)، و «كفاية الأخيار» ص (٩٤).