للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ مُفلِحٍ والمَرداويُّ: لا تَجوزُ إجارةُ أرضٍ وفيها شَجرٌ، قالَ أحمَدُ: أخافُ أنَّه استَأجَرَ شَجرًا لَم يُثمِرْ، وذكرَ أبو عُبَيدٍ تَحريمَه إجماعًا (١).

وذَهَبَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وابنُ القيِّمِ والسُّبكيُّ مِنْ الشَّافعيَّةِ إلى أنَّه يَصحُّ استِئجارُ الشَّجرِ مِنْ أجْلِ الثَّمرةِ، واستَدَلُّوا على ذلك بما رَواه حَمَّادُ بنُ سَلَمةَ عن هِشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه «أنَّ أُسَيْدَ بنَ حُضَيرٍ ماتَ وعليه دَينٌ أربَعةُ آلافِ دِرهَمٍ، فبِيعتْ أرضُه؛ فقالَ عُمرُ : لا أترُكُ بَني أخي عالةً. فرَدَّ الأرضَ وباعَ ثَمرَها مِنْ الغُرماءِ أربَعَ سِنينَ بأربَعةِ آلافٍ، كلُّ سَنَةٍ بالفٍ» (٢).

قالَ ابنُ القيِّمِ : المِثالُ الثَّاني عَشَرَ: لا تَجوزُ إجارةُ الأشجارِ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنها الفَواكِهُ، وذلك بمَنزِلةِ بَيعِها قبلَ بُدُوِّها.

قالوا: والحِيلةُ في جَوازِهِ: أنْ يُؤجِّرَه الأرضَ ويُساقِيَه على الشَّجرِ بجُزءٍ مَعلومٍ.

قالَ شَيخُ الإسلامِ : وهذا لا يُحتاجُ إلَيه، بَلِ الصَّوابُ جَوازُ إجارةِ الشَّجرِ، كَما فعلَ عُمرُ بن الخطَّابِ بحَديقةِ أُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ؛ فإنَّه آجَرَها سِنينَ وقَضَى بها دَيْنَه.


(١) «المبدع» (٥/ ٥٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٨٢)، و «المبسوط» (١٦// ٣٣)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ١٧٥)، و «الاختيار» (٣/ ١٠٠)، و «الأشباه والنظائر» (٢٦٩)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٩٢)، و «الهندية» (٤/ ٤٤٢)، و «كفاية الطالب الرباني» (٢/ ٢٤٧)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٩٦)، و «الوسيط» (٤/ ١٥٨)، و «البيان» (٧/ ٢٩٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٤)، و «الفروع» (٤/ ٣١٤).
(٢) رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٩/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>