للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضي والمُتوَلِّي مِنْ الشَّافعيَّةِ: أجمَعَ الحُكَّامُ على أنَّه لا يُؤجِّرُ أكثَرَ مِنْ ثَلاثِ سِنينَ؛ لِئَلَّا يَندَرِسَ، قالَ الرَّافِعيُّ: وهذا الاصطِلاحُ غيرُ مُطَّردٍ.

وفي «أمالي السَّرخَسيِّ»: تُمتنَعُ إجارةُ الوَقفِ أكثَرَ مِنْ سَنَةٍ إذا لَم تَمُس إليه حاجةٌ لِعِمارةٍ وغَيرِها، قالَ النَّوَويُّ: وهو غَريبٌ، وقالَ الدَّميريُّ: حَكاه الإمامُ وَجْهًا، وقالَ: لا اتِّجاهَ له في الوَقفِ على جِهاتِ الخَيرِ (١).

وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: الوَقفُ إذا كانَ على قَومٍ مُعيَّنِينَ، كَفُلانٍ وأولادِهِ؛ فإنَّ النَّاظِرَ عليه لا يَجوزُ له أنْ يُكريَ أكثَرَ مِنْ سَنتَيْنِ، أو ثَلاثٍ، لا أكثَرَ مِنْ ذلك، ولَكِنْ لا يَكونُ كِراؤُه بالنَّقدِ.

فَإنْ كانَ على قَومٍ غيرِ مُعيَّنِينَ؛ كالفُقَراءِ ونَحوِهم، كالمَرضَى والقَناطِرِ والمَساجِدِ، فإنَّه يَجوزُ له أنْ يُكريَه أكثَرَ مِنْ ذلك، كأربَعةِ أعوامٍ، ونَحوِها، لا أكثَرَ، إنْ كانَ أرضًا لِلزِّراعةِ، وعامًا لا أكثَرَ إنْ كانَ دارًا ونَحوَها، سَواءٌ كانَتْ مَوقوفةً على مُعيَّنِينَ، أو على غَيرِهم، فإنْ أكْرَى أكثَرَ مِنْ ذلك مَضَى، إنْ كانَ ناظِرًا، ولا يَفسَخُ، قالَه ابنُ القاسِمِ، ومَحَلُّ ذلك حَيثُ لَم تكُنْ هناك ضَرورةٌ تَقتَضي الكِراءَ، لِأَكثَرَ ممَّا تَقدَّمَ، كَما لَوِ انهَدَمَ الوَقفُ، فيَجوزُ كِراؤُه بما يُبنَى به، ولَو طالَ الزَمنُ؛ كَأربَعينَ عامًا، أو أزيدَ، بقَدْرِ ما تَقتَضي الضَّرورةُ، وهو خَيرٌ مِنْ ضَياعِه واندِراسِه.

أمَّا إذا أكرَى مُستَحِقٌّ لِمَنْ مَرجِعُها لَه، فيَجوزُ كِراءؤُها عَشْرَ سِنينَ


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>