للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: فعلى هذا إذا فَرَغَ العَملُ قبلَ انقِضاءِ المدَّةِ لَم يَلزَمْه العَملُ في بَقيَتها؛ لأنَّه وَفَّى ما عليه قبلَ مدَّتِه؛ فلَم يَلزَمْه شَيءٌ آخَرُ، كَما لَو قَضَى الدَّيْنَ قبلَ أجَلِه، وإنْ مَضَتِ المدَّةُ قبلَ العَملِ؛ فلِلمُستَأجِرِ فَسْخُ الإجارةِ؛ لأنَّ الأجيرَ لَم يَفِ له بشَرطِه، وإنْ رَضيَ بالبَقاءِ عليه لَم يَملِكِ الأجيرُ الفَسخَ؛ لأنَّ الإخلالَ بالشَّرطِ مِنه، فلا يَكونُ ذلك وَسيلةً له إلى الفَسخِ، كَما لَو تَعذَّرَ أداءُ المُسلَّمِ فيه في وَقتِه، لَم يَملِكِ المُسلَّمُ إليه الفَسخَ، ويَملِكُه المُسلِّمُ؛ فإنِ اختارَ إمضاءَ العَقدِ طالَبه بالعَملِ لا غَيرُ؛ كالمُسلَّمِ إذا صَبَرَ عندَ تَعذُّرِ المُسلَّمِ فيه إلى حِينِ وُجودِه، لَم يكُنْ له أكثَرُ مِنْ المُسلَّمِ فيه، وإنْ فُسِخَ العَقدُ قبلَ عَملِ شَيءٍ مِنْ العَملِ سقطَ الأجْرُ والعَملُ، وإنْ كانَ بعدَ عَملِ شَيءٍ منه فلَه أجْرُ مِثلِه؛ لأنَّ العَقدَ قد انفَسخَ، فسقطَ المُسمَّى، ورَجعَ إلى أجْرِ المِثْلِ (١).

وَتَفصيلُ مَذهبِ المالِكيَّةِ: أنَّ الإجارةَ يَجوزُ أنْ تُحَدَّدَ بزَمنٍ؛ كَيَومٍ، أو شَهرٍ، أو عامٍ، أو تُحَدَّدَ أيضًا بعَملٍ؛ كَخِياطةِ ثَوبٍ، أو جُبَّةٍ، وما أشبَهَ ذلك مِنْ الأشياءِ المُعيَّنةِ.


(١) «المبسوط» (١٦/ ٥٩)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٠، ١٢١)، و «درر الحكام» (١/ ٥٥٢)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٩١، ٣٩٢)، و «المهذب» (١/ ٣٩٦)، و «البيان» (٧/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩، ٢٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٢١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٤٤)، و «الديباج» (٢/ ٤٦٥)، و «المغني» (٥/ ٢٥٣، ٢٥٤)، و «الكافي» (٢/ ٣٠٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٦٢)، و «المبدع» (٥/ ٩٠)، و «الإنصاف» (٦/ ٤٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٣٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>