وقالَ الحَنابِلةُ: ويَصحُّ الجَمعُ بينَ تَقديرِ المدَّةِ والعَملِ جَعالةً؛ لأنَّه يُغتَفَرُ فيها ما لا يُغتَفَرُ في الإجارةِ؛ فإذا تَمَّ العَملُ قبلَ انقِضاءِ المدَّةِ لَم يَلزَمْه العَملُ في بَقيَتها، كَقَضاءِ الدَّيْنِ قبلَ أجَلِه، وإنْ مَضَتِ المدَّةُ قبلَ العَملِ؛ فإنِ اختارَ إمضاءَ العَقدِ طالَبه بالعَملِ فقَطْ، كَالمُسلَّمِ، إذا صَبَرَ عندَ التَعذُّرِ، وإنْ فَسخَ قبلَ العَملِ سقطَ الأجرُ والعَملُ، وإنْ كانَ بعدَ عَملِ بَعضِه، فإنْ كانَ الفَسخُ مِنْ الجاعِلِ فلِلعاملِ أجْرُ مِثلِه، وإنْ كانَ مِنْ العامِلِ فلا شَيءَ لَهُ (١).
وَذَهَبَ الصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ، والمالِكيَّةُ في قَولٍ -يَأتي تَفصيلُه- والشَّافعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ، وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ الجَمعُ بينَ المدَّةِ والعَملِ؛ لأنَّ الإجارةَ مَعقودةٌ على العَملِ، ولأنَّ المدَّةَ مَذكورةٌ لِلتَّعجيلِ؛ فلا يَمتَنِعُ ذلك.
فعلى قَولِ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ يَكونُ العَقدُ على العَملِ دونَ اليَومِ، حتى إذا فَرَغَ منه نِصفَ النَّهارِ فلَه الأجْرُ كامِلًا، وإنْ لَم يَفرُغْ في اليَومِ فلَه أنْ يَعمَلَه في الغَدِ.