بالشَّرطِ فإطلاقُه يُوجِبُ حُلولَه، كالثَّمنِ، ولأنَّ الأُصولَ مَوضوعةٌ على أنَّ تَسليمَ المُعوَّضِ يُوجِبُ تَسليمَ العِوَضِ؛ لِيَستَويَ حُكمُ المُتعاقدَيْنِ فيما يَملِكانِه مِنْ عِوَضٍ ومُعوَّضٍ؛ فلا يَكونُ حَظُّ أحَدِهِما فيه أقوَى مِنْ حَظِّ الآخَرِ، كالبَيعِ إذا سُلِّمَ المَبيعُ فيه وجبَ تَسليمُ الثَّمنِ؛ وكالنِّكاحِ إذا حَصَلَ التَّمكينُ وجبَ تَسليمُ الصَّداقِ، كذلك الإجارةُ إذا حَصَلَ تَسليمُ المَنفَعةِ وجبَ تَسليمُ الأُجرةِ، والمَنافِعُ هَهُنا بالتَّمكينِ مَقبوضةٌ حُكمًا، وإنْ لَم يَكُنِ القَبضُ مستقِرًّا؛ لِأُمورٍ أربَعةٍ:
قالَ الماوَرديُّ ﵀: أحَدُها: ما ذكرَه الشافِعيُّ أنَّها لَو كانَتْ مُؤجَّلةً وبِالتَّمكينِ غيرَ مَقبوضةِ لَمَا جازَ تَأجيلُ الأُجرةِ؛ لأنَّه يَصيرُ دَيْنًا بدَيْنٍ، وقَد وَردَ النَّهيُ عنه، وفي إجماعِهم على جَوازِ تَأجيلِها دَليلٌ على حُصولِ قَبضِها.
والثَّاني: أنَّها لَو لَم تكُنْ مَقبوضةً لَمَا جازَ لِمُستَأجِرِ الدَّارِ أنْ يُؤجِّرَها؛ لأنَّ بَيعَ ما لَم يُقبَضْ باطِلٌ، وفي إجماعِهم على جَوازِ إجارَتِها دَليلٌ على حُصولِ قَبضِها.
والثَّالث: أنَّ الزَّوجةَ لا يَلزَمُها التَّمكينُ مِنْ نَفْسِها إلَّا بعدَ قَبضِ صَداقْها، ولَو كانَ صَداقُها سُكنَى دارٍ تَسَلَّمَتْها لَزِمَها تَسليمُ نَفْسِها، فلَولا حُصولُ قَبضِها لِصَداقِها ما أُلزِمَتْ تَسليمَ نَفْسِها.
والرَّابِعُ: أنَّ الأُجرةَ لَو لَم تُملَكْ بتَسليمِ الدَّارِ والتَّمكينِ مِنْ السُّكنَى لَمَا جازَتِ المُضارَبةُ عليها، وأنْ يَأخُذَ مِنْ الذَّهَبِ وَرِقًا وعَنِ الوَرِقِ ذَهَبًا، كَما لا يَجوزُ مِثلُ ذلك في الدُّيونِ المُؤجَّلةِ، وفي جَوازِ ذلك دَليلٌ على وُجوبِها،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute