شرطَه مُنجَّمًا يَومًا يَومًا، أو شَهرًا شَهرًا، أو أقَلَّ مِنْ ذلك أو أكثَرَ، فهو على ما اتَّفَقا عليه؛ لأنَّ إجارةَ العَينِ كَبَيعِها، وبَيعُها يَصحُّ بثَمنٍ حالٍّ أو مُؤجَّلٍ، فكذلك إجارَتُها.
قالَ الماوَرديُّ ﵀: وإنْ شَرَطا تَأجيلِها أو تَنجيمِها تَكونُ مُؤجَّلةً أو مُنَجَّمةً، إجماعًا (١).
والصَّحيحُ عندَ الشَّافعيَّةِ ووَجْهٌ لِلحَنابِلةِ: أنَّ الإجارةَ الوارِدةَ على مَنفَعةٍ مُتعلِّقةٍ بالذِّمةِ، كَأنْ يَستَأجِرَ دَابَّةً أو سَيَّارةً مَوصوفةً في ذِمَّتِه إلى مَكانٍ مُعيَّنٍ، أو يُؤجِّرَه سَيَّارةً مَوصوفةً في ذِمَّتِه مدَّةً مُعيَّنةً، أو أنْ يُلزِمَ المُستَأجِرُ المُؤجِّرَ عَملًا في ذِمَّتِه، كَبِناءٍ أو خِياطةٍ أو نَحوِ ذلك، فيَقبَلَ، فهذه يُشترَطُ لِصِحَّتِها تَسليمُ الأُجرةِ في المَجلِسِ قَطعًا، إذا عُقِدَتْ بلَفظِ السَّلمِ، كَرَأْسِ مالِ السَّلمِ؛ لأنَّها سَلَمٌ في المَنافِعِ، كألزَمتُ ذِمَّتكَ خِياطةً أو بِناءً بهذه الدَّراهِمِ، أو أسلَمتُ إلَيكَ هذه الدَّراهِمَ في خِياطةِ كَذا، أو أسلَمتُ إلَيكَ هذه الدَّراهِمَ في دَابَّةٍ صِفَتُها كَذا، ولا بدَّ في هاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ ذِكْرِ الحَمْلِ أوِ البِناءِ، ونَحوِهِما؛ لِتَنفَصِلَ عن حَقيقةِ السَّلمِ في الأعيانِ إلى السَّلمِ في المَنافِعِ، والسَّلمُ في المَنافِعِ جائِزٌ.
وَكَذا إنْ عُقِدَتْ بلَفظِ الإجارةِ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، كَأنْ قالَ: استَأجَرتُ مِنْكَ دابَّةً صِفَتُها كَذا؛ لِتَحمِلَني إلى مَوضِعِ كَذا، نَظَرَا إلى
(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٩٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٠٢)، و «المغني» (٥/ ٢٥٧)، و «الإنصاف» (٦/ ٨١)، و «درر الحكام» (١/ ٤٥٨).