الِانتِفاعُ بها إلَّا بعدَ استِهلاكِ أعيانِها، والدَّاخِلُ تَحتَ الإجارةِ المَنفَعةُ، لا العَينُ، حتى لَوِ استَأجَرَ الدَّراهِمَ والدَّنانيرَ لِيُعَبِّرَ بها مِيزانًا أو حِنطةً لِيُعَبِّرَ بها مِكيالًا أو زَيتًا لِيُعَبِّرَ به أرطالًا أو أمنانًا أو وَقتًا مَعلومًا.
فَقولانِ لِلحَنَفيةِ: ذكرَ في الأصلِ أنَّه يَجوزُ؛ لأنَّ ذلك نَوعُ انتِفاعٍ بها، مع بَقاءِ عَينِها؛ فأشبَهَ استِئجارَ سَنجاتِ الميزانِ.
وَذكرَ الكَرخيُّ ﵀: أنَّه لا يَجوزُ؛ لِفَقدِ شَرطٍ آخَرَ، وهو كَونُ المَنفَعةِ مَقصودةً، والِانتِفاعُ بهذه الأشياءِ مِنْ هذه الجِهةِ غيرُ مَقصودٍ عادةً.
٧ - لا يَجوزُ استِئجارُ الفَحلِ لِلضِّرابِ؛ لأنَّ المَقصودَ منه النَّسلُ، وذلك بإنزالِ الماءِ، وهو عَينٌ، وقَد رُوِيَ عن رَسولِ اللَّهِ ﷺ أنَّه نَهَى عن عَسْبِ الفَحلِ، أي: كِرائِه؛ لأنَّ العَسْبَ في اللُّغةِ -وإنْ كانَ اسمًا لِلضِّرابِ- لا يُمكِنُ حَمْلُه عليه؛ لأنَّ ذلك لَيسَ بمَنهِيٍّ عنه؛ لِمَا في النَّهيِ عنه مِنْ قَطعِ النَّسلِ؛ فكَانَ المُرادُ منه كِراءَ عَسْبِ الفَحلِ، إلَّا أنَّه حَذَفَ الكِراءَ، وأقامَ العَسْبَ مَقامَه، كَما في قَولِهِ ﷾: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، ونَحوِ ذلك.
٨ - لَوِ استَأجَرَ كَلبًا مُعَلَّمًا لِيَصيدَ، أو بازيًا، لَم يَجُزْ؛ لأنَّه استِئجارٌ على العَينِ، وهو الصَّيدُ، وجِنسُ هذه المَسائِلِ تُخَرجُ على الأصلِ.