للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى دفعَ ثَوبَه إلى أحَدِ هَؤُلاءِ ولَم يُقاطِعْه على أجْرٍ، فلَه أجْرُ المِثلِ؛ لأنَّ الثِّيابَ تَختَلِفُ أُجرَتُها، ولَم يُعَيَّنْ؛ فجَرَى مَجرَى الإجارةِ الفاسِدةِ؛ فإنْ تَلِفَ الثَّوبُ مِنْ حِرزِه، أو بغَيرِ فِعلِه، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ ما لا يُضمَنُ في العَقدِ الصَّحيحِ لا يُضمَنُ في فاسِدِه، وإنْ تَلِفَ مِنْ فِعلِه، بتَخريقِه، أو دَقِّه، ضَمِنَه؛ لأنَّه إذا ضَمِنَه بذلك في العَقدِ الصَّحيحِ ففي الفاسِدِ أوْلَى.

وقالَ أحمَدُ فيمَن دفعَ ثَوبًا إلى قَصَّارٍ لِيُقصِّرَه ولَم يَقطَعْ له أجْرًا، بَلْ قالَ: أنا أُعطيكَ كَما تُعطَى، وهَلَكَ الثَّوبُ؛ فإنْ كانَ بخَرقٍ أو نَحوِه ممَّا لا تَجنيه يَده فلا ضَمانَ عليه، بيَّنَ الكِراءَ أو لَم يُبيِّنْ؛ والعِلَّةُ في ذلك ما ذَكَرْناه.

وَإذا استَأجَرَ رَجُلًا لِيَحمِلَ له كِتابًا إلى مَكَّةَ أو غَيرِها إلى صاحِبٍ له فحَمَلَه فوَجَدَ صاحِبَه غائِبًا فرَدَّه، استَحقَّ الأجْرَ بحَمْلِه في الذَّهابِ والرَّدِّ؛ لأنَّه حَمَلَه في الذَّهابِ بإذْنِ صاحِبِه صَريحًا، وفي الرَّدِّ تَضمينًا؛ لأنَّ تَقديرَ كَلامِه: وإنْ لَم تَجِدْ صاحِبَه، فرُدَّه؛ إذ لَيسَ سِوَى رَدِّه إلَّا تَضييعُه؛ فقَد عُلِمَ أنَّه لا يَرضَى تَضييعَه؛ فتَعيَّنَ رَدُّه.

وقالَ المَرداويُّ : قالَ في «الإنصاف»: قولُهُ: وَمَنْ عَمِلَ لِغَيرِه عَملًا بغَيرِ جُعلٍ: فلا شَيءَ لَه، ولَو كانَ العَملُ تَخليصَ مَتاعِ غَيرِه مِنْ فَلاةٍ، ولَو كانَ هَلاكًا فيهم مُحقَّقًا، أو قَريبًا مِنه، كالبَحرِ، وفَمِ السَّبُعِ، وهو قولُ القاضي في المُجرَّدِ، ولَه احتِمالٌ بذلك في غيرِ المُجرَّدِ، وهو ظاهِرُ كَلامِ جَماعةٍ مِنْ الأصحابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>