للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَملِ خَمرٍ ونَحوِها، ولا لِجَبْيِ المُكوسِ والرِّشا وجَميعِ المُحرَّماتِ، عافانا اللَّهُ تَعالى مِنها.

وَقولُنا: «بعِوَضٍ مَعلومٍ»، احتَرزْنا به عن الأُجرةِ المَجهولةِ؛ فإنَّه لا يَصحُّ جَعلُها أُجرةً؛ فإنَّها ثَمنُ المَنفَعةِ، وشَرطُ الثَّمنِ أنْ يَكونَ مَعلومًا، ولأنَّ الجَهلَ به غَرَرٌ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: الإجارةُ هي عَقدٌ على مَنفَعةٍ مُباحةٍ مَعلومةٍ تُؤخَذُ شَيئًا فشَيئًا مِنْ عَينٍ مُعيَّنةٍ أو مَوصوفةٍ في الذِّمة مدَّةً مَعلومةً، كَسُكنَى هذه الدَّارِ سَنةً، أو دابَّةٍ صِفَتُها كَذا لِلحَملِ، أوِ الرُّكوبِ، سَنةً مثلًا.

أو عَقدٌ على عَملٍ مَعلومٍ، كَحَملِه إلى مَوضِعِ كَذا بعِوَضٍ مَعلومٍ في الضَّربيْنِ.

فالمَعقودُ عليه هو المَنفَعةُ، لا العَينُ، لأنَّ المَنفَعةَ هي التي تُستَوْفَى، والأجْرُ في مُقابَلَتِها؛ ولِهَذا تُضمَنُ، دونَ العَينِ.

وَإنَّما أُضيفَ العَقدُ إلى العَينِ؛ لأنَّها مَحَلُّ المَنفَعةِ ومَنشَؤُها، كَما يُضافُ عَقدُ المُساقاةِ إلى البُستانِ، والمَعقودُ عليه الثَّمرةُ، والِانتِفاعُ مِنْ قِبَلِ المُستَأجِرِ تابِعٌ ضَرورةً لِلمَنفَعةِ المَعقودِ عليها؛ لأنَّ المَنفَعةَ لا تُوجَدُ إلَّا عَقِبَه (٢).


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٨)، و «الإقناع» (٢/ ٣٤٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٧)، و «حاشية عميرة» (٣/ ١٦٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٥)، و «كفاية الأخيار» (٣٤٨).
(٢) «كشاف القناع» (٣/ ٦٤٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٨)، و «كشف المخدرات» (٤/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>